تقدّمت قصة آدم في البقرة والأعراف والحجر والكهف ، ثم ذكر ههنا لما تقدّم { كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق } كان من هذا الإنباء قصة آدم ليتحفظ بنوه من وسوسة الشيطان ويتنبهوا على غوائله ، ومن أطاع الشيطان منهم ذكر بما جرى لأبيه آدم معه وأنه أوضحت له عداوته ، ومع ذلك نسي ما عهد إليه ربه وأيضاً لما أمر بأن يقول { رب زدني علماً } كان من ذلك ذكر قصة آدم وذكر شيء من أحواله فيها لم يتقدّم ذكرها ، فكان في ذلك مزيد علم له عليه السلام ، والعهد عند الجمهور الوصية .
والظاهر أن المضاف إليه المحذوف بعد قوله { من قبل } تقديره { من قبل } هؤلاء الذين صرف لهم من الوعيد في القرآن لعلهم يتقون ، وهم الناقضو عهد الله والتاركو الإيمان .
وقال الحسن : { من قبل } الرسول والقرآن .
وقيل : { من قبل } أن يأكل من الشجرة .
وقال الطبري : المعنى أن يعرض يا محمد هؤلاء الكفرة عن آياتي ويخالفوا رسلي ويطيعوا إبليس ، فقدما فعل ذلك أبوهم آدم .
قال ابن عطية : وهذا ضعيف وذلك أن كون آدم مثالاً للكفار الجاحدين بالله ليس بشيء ، وآدم عليه السلام إنما عصى بتأويل ففي هذا غضاضته عليه السلام ، وإنما الظاهر في هذه الآية إما أن يكون ابتداء قصص لا تعلق له بما قبله ، وإما أن يجعل تعلقه إنما هو لما عهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يعجل بالقرآن مثل له بنبيّ قبله عهد إليه { فنسي } فعرف ليكون أشد في التحذير وأبلغ في العهد إلى محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال الزمخشري : يقال في أوامر الملوك ووصاياهم : تقدم الملك إلى فلان وأوغر عليه وعزم عليه وعهد إليه ، عطف الله سبحانه وتعالى قصة آدم على قوله { وصرّفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون } والمعنى وأقسم قسماً لقد أمرنا أباهم آدم ووصيناه أن لا يقرب الشجرة ، وتوعدناه بالدخول في جملة الظالمين إن قربها وذلك { من قبل } وجودهم و { من قبل } أن نتوعدهم فخالف إلى ما نُهي عنه وتوعد في ارتكابه مخالفتهم ، ولم يلتفت إلى الوعيد كما لا يلتفتون كأنه يقول : إن أساس أمر بني آدم على ذلك وعرقهم راسخ فيه انتهى .
والظاهر أن النسيان هنا الترك إن ترك ما وصى به من الاحتراس عن الشجرة وأكل ثمرتها .
وقال الزمخشري : يجوز أن يراد بالنسيان الذي هو نقيض الذكر وأنه لم يعن بالوصية العناية الصادقة ولم يستوثق منها بعقد القلب عليها وضبط النفس حتى تولد من ذلك النسيان انتهى .
وقال ابن عطية : ونسيان الذهول لا يمكن هنا لأنه لا يتعلق بالناسي عقاب انتهى .
وقرأ اليماني والأعمش فَنُسِّيَ بضم النون وتشديد السين أي نسّاه الشيطان ، والعزم التصميم والمضي .
قال الزمخشري : أي على ترك الأكل وأن يتصلب في ذلك تصلباً يؤيس الشيطان من التسويل له ، والوجود يجوز أن يكون بمعنى العلم ومفعولاه { له عزماً } وأن يكون نقيض العدم كأنه قال وعد منا { له عزماً } انتهى .
وقيل { ولم نجد له عزماً } على المعصية وهذا يتخرج على قول من قال إنه فعل نسياناً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.