البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِنُرِيَكَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا ٱلۡكُبۡرَى} (23)

واللام في { لنريك } قال الحوفي متعلقة باضمم ، ويجوز أن تتعلق بتخرج .

وقال أبو البقاء : تتعلق بهذا المحذوف يعني المقدر جعلناها أو آتيناك ، ويجوز أن تتعلق بما دل عليه { آية } أي دللنا بها { لنريك } .

وقال الزمخشري : { لنريك } أي خذ هذه الآية أيضاً بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض { آياتنا الكبرى } أو { لنريك } بهما { الكبرى } من { آياتنا } أو { لنريك من آياتنا الكبرى } فعلنا ذلك ، ونعني أنه جاز أن يكون مفعول { لنريك } الثاني { الكبرى } أو يكون { من آياتنا } في موضع المفعول الثاني .

وتكون { الكبرى } صفة لآياتنا على حد { الأسماء الحسنى } و { مآرب أخرى } بجريان مثل هذا الجمع مجرى الواحدة المؤنثة ، وأجاز هذين الوجهين من الإعراب الحوفي وابن عطية وأبو البقاء .

والذي نختاره أن يكون { من آياتنا } في موضع المفعول الثاني ، و { الكبرى } صفة لآياتنا لأنه يلزم من ذلك أن تكون آياته تعالى كلها هي الكبر لأن ما كان بعض الآيات الكبر صدق عليه أنه { الكبرى } .

وإذا جعلت { الكبرى } مفعولاً لم تتصف الآيات بالكبر لأنها هي المتصفة بأفعل التفضيل ، وأيضاً إذا جعلت { الكبرى } مفعولاً فلا يمكن أن يكون صفة للعصا واليد معاً لأنهما كان يلزم التثنية في وصفيهما فكان يكون التركيب الكبريين ولا يمكن أن يخص أحدهما لأن كلاً منهما فيها معنى التفضيل .

ويبعد ما قال الحسن من أن اليد أعظم في الإعجاز من العصا لأنه ذكر عقيب اليد { لنريك من آياتنا الكبرى } لأنه جعل { الكبرى } مفعولاً ثانياً { لنريك } وجعل ذلك راجعاً إلى الآية القريبة وهي إخراج اليد بيضاء من غير سوء وقد ضعف قوله هذا لأنه ليس في اليد إلاّ تغيير اللون ، وأما العصا ففيها تغيير اللون وخلق الزيادة في الجسم وخلق الحياة والقدرة والأعضاء المختلفة وابتلاع الشجر والحجر ، ثم عادت عصا بعد ذلك فقد وقع التغيير مراراً فكانت أعظم من اليد .