البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي} (29)

وأجاز أبو البقاء الوجهين والوزير المعين القائم بوزر الأمور أي بثقلها فوزير الملك يتحمل عنه أوزاره ومؤنه .

وقيل : من الوزر وهو الملجأ يلتجئ إليه الإنسان .

وقال الشاعر :

من السباع الضواري دونه وزر *** والناس شرهم ما دونه وزر

كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع *** وما نرى بشراً لم يؤذهم بشر

فالملك يعتصم برأيه ويلتجئ إليه في أموره .

وقال الأصمعي : هو من المؤازرة وهي المعاونة والمساعدة ، والقياس أزير وكذا قال الزمخشري : قال وكان القياس أزير فقلبت الهمزة إلى الواو ووجه قلبها أن فعيلاً جاء في معنى مفاعل مجيئاً صالحاً كعشير وجليس وقعيد وخليل وصديق ونديم ، فلما قلب في أخيه قلبت فيه ، وحمل الشيء على نظيره ليس بعزيز .

ونظراً إلى يوازر وأخواته وإلى الموازرة انتهى ولا حاجة إلى ادعاء قلب الهمزة واواً لأن لنا اشتقاقاً واضحاً وهو الوزر ، وأما قلبها في يؤازر فلأجل ضمة ما قبل الواو وهو أيضاً إبدال غير لازم ، وجوزوا أن يكون { لي وزيراً } مفعولين لاجعل و { هارون } بدل أو عطف بيان ، وأن يكون { وزيراً } و { هارون } مفعولية ، وقدم الثاني اعتناء بأمر الوزارة و { أخي } بدل من { هارون } في هذين الوجهين .

قال الزمخشري : وإن جعل عطف بيان آخر جاز وحسن انتهى .

ويبعد فيه عطف البيان لأن الأكثر في عطف البيان أن يكون الأول دونه في الشهرة ، والأمر هنا بالعكس .

وجوزوا أن يكون { وزيراً من أهلي } هما المفعولان و { لي } مثل قوله { ولم يكن له كفواً أحد } يعنون أنه به يتم المعنى .