والسين في { سيجعل } للاستقبال فاحتمل أن يكون هذا الجعل في الدنيا ، وجيء بأداة الاستقبال لأن المؤمنين كانوا بمكة حال نزول هذه السورة ، وكانوا ممقوتين من الكفرة ، فوعدهم الله بذلك إذا ظهر الإسلام وفشا .
واحتمل أن يكون ذلك في الدنيا على الإطلاق كما في الترمذي .
قال : « إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني قد أحببت فلاناً فأحبه ، قال : فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض » قال الله عز وجل : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } إلى آخر الحديث وقال : هذا حديث صحيح .
قال ابن عطية : ويحتمل أن تكون الآية متصلة بما قبلها في المعنى أي إن الله تعالى لما أخبر عن إتيان كل من في السموات والأرض في حال العبودية والانفراد ، أنس المؤمنين بأنه سيجعل لهم في ذلك اليوم { وداً } وهو ما يظهر عليهم من كرامته لأن محبة الله للعبد إنما هي ما يظهر عليه من نعمه وأمارات غفرانه انتهى .
وقال الزمخشري : وإما أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم وينشر من ديوان أعمالهم .
وقال أيضاً : والمعنى سيحدث لهم في القلوب مودّة ويزرعها لهم فيها من غير تودد منهم ولا تعرض للأسباب التي يكتسب بها الناس مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع مبرة أو غير ذلك ، وإنما هو اختراع منه ابتداء اختصاصاً منه لأوليائه بكرامة خاصة ، كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب والهيبة إعظاماً لهم وإجلالاً لمكانهم انتهى .
وقيل : في الكلام حذف والتقدير سيدخلهم دار كرامته ويجعل لهم { وداً } بسبب نزع الغل من صدورهم بخلاف الكفار ، فإنهم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضاً ، وفي النار أيضاً يتبرأ بعضهم من بعض .
وقرأ الجمهور { وداً } بضم الواو .
وقرأ أبو الحارث الحنفي بفتحها .
وقرأ جناح بن حبيش { وداً } بكسر الواو .
قيل : نزلت هذه الآية في عبد الرحمن بن عوف كان اليهود والنصارى والمنافقون يحبونه ، وكان لما هاجر من مكة استوحش بالمدينة فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت .
وقيل : نزلت في المهاجرين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب ألقى الله لهم وداً في قلب النجاشي ، وذكر النقاش أنها نزلت في عليّ بن أبي طالب .
وقال محمد بن الحنفية : لا تجد مؤمناً إلاّ وهو يحب علياً وأهل بيته انتهى .
ومن غريب هذا ما أنشدنا الإمام اللغوي رضي الدين أبو عبد الله محمد بن عليّ بن يوسف الأنصاري الشاطبي رحمه الله تعالى لزبينا بن إسحاق النصراني الرسغي :
عدّي وتيم لا أحاول ذكرهم***بسوء ولكني محب لهاشم
وما تعتريني في عليّ ورهطه***إذا ذكروا في الله لومة لائم
يقولون ما بال النصارى تحبهم***وأهل النهي من أعرب وأعاجم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.