البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ} (204)

وقال الزمخشري : { أفبعذابنا يستعجلون } ، تبكيت لهم بإنكاره وتهكم ، ومعناه : كيف يستعجل العذاب من هو معرض لعذاب يسأل فيه من جنس ، ما هو فيه اليوم من النظرة والإمهال ؟ طرفة عين فلا يجاب إليها .

ويحتمل أن يكون هذا حكاية توبيخ ، يوبخون به عند استنظارهم يومئذ ، ويستعجلون هذا على الوجه ، حكاية حال ماضية ووجه آخر متصل بما بعده ، وذلك أن استعجالهم بالعذاب إما كان لاعتقادهم أنه غير كائن ولا لاحق بهم ، وأنهم ممتعون بأعمار طوال في سلامة وأمن .

فقال عز وعلا : { أفبعذابنا يستعجلون } ؟ أشراً وبطراً واستهزاء واتكالاً على الأمل الطويل ؟ ثم قال : وهب أن الأمر كما يعتقدون من تمتعهم وتعميرهم ، فإذا لحقهم الوعيد بعد ذلك ، ما ينفعهم حينئذ ما مضى من طول أعمارهم وطيب معايشهم ؟ انتهى .

وقيل : اتبع قوله : فتأتيهم بغتة بما يكون منهم عند ذلك على وجه الحسرة .

{ فيقولوا هل نحن منظرون } ، كما يستغيث إليه المرء عند تعذر الخلاص ، لأنهم يعلمون في الآخرة أن لا ملجاً ، لكنهم يقولون ذلك استرواحاً .

وقيل : يطلبون الرجعة حين يبغتهم عذاب الساعة ، فلا يجابون إليها .