البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ يَشۡفِينِ} (80)

ولما كان ذلك سبباً لغلبة إحدى الكيفيات على الأخرى بزيادة الغذاء أو نقصانه ، فيحدث بذلك مرض ذكر نعمته ، بإزالة ما حدث من السقم ، وأضاف المرض إلى نفسه ، ولم يأت التركيب : وإذا أمرضني ، وإن كان تعالى هو الفاعل لذلك وإبراهيم عليه السلام عدد نعم الله تعالى عليه والشفاء محبوب والمرض مكروه .

ولما لم يكن المرض منها ، لم يضفه إلى الله .

وعن جعفر الصادق ، ولعله لا يصح : وإذا مرضت بالذنوب شفاني بالتوبة .

وقال الزمخشري : وإنما قال : مرضت دون أمرضني ، لأن كثيراً من أسباب المرض يحدث بتفريط من الإنسان في مطاعمه ومشاربه وغير ذلك .

ومن ثم قال الحكماء : لو قيل لأكثر الموتى : ما سبب آجالكم ؟ لقالوا : التخم ، ولما كان الشفاء قد يعزى إلى الطيب ، وإلى الدواء على سبيل المجاز ؛ كما قال : { فيه شفاء للناس } أكد بقوله : { فهو يشفين } : أي الذي هو يهدين ويطعمني ويسقين هو الله لا غيره .