البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَآءَ مَدۡيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يَهۡدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (22)

{ توجه } : رد وجهه .

و { تلقاء } : تقدم الكلام عليه في يونس ، أي ناحية وجهه .

استعمل المصدر استعمال الظرف ، وكان هناك ثلاث طرق ، فأخذ موسى أوسطها ، وأخذ طالبوه في الآخرين وقالوا : المريب لا يأخذ في أعظم الطرق ولا يسلك إلاّ بنياتها .

فبقي في الطريق ثماني ليال وهو حاف ، لا يطعم إلا ورق الشجر .

والظاهر من قوله : { عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } ، أنه كان لا يعرف الطريق ، فسأل ربه أن يهديه أقصد الطريق بحيث أنه لا يضل ، إذ لو سلك ما لا يوصله إلى المقصود لتاه .

وعن ابن عباس : قصد مدين وأخذ يمشي من غير معرفة ، فأوصله الله إلى مدين .

وقيل : هداه جبريل إلى مدين .

وقيل : ملك غيره .

وقيل : أخذ طريقاً يأمن فيه ، فاتفق ذهابه إلى مدين .

والظاهر أن سواء السبيل : وسط الطريق الذي يسلكه إلى مكان مأمنه .

وقال مجاهد : سواء السبيل : طريق مدين .

وقال الحسن : هو سبيل الهدى ، فمشى موسى عليه السلام إلى أن وصل إلى مدين ، ولم يكن في طاعة فرعون .