{ إن يدعون من دونه إلا إناثاً } المعنى : ما يعبدون من دون الله ويتخذونه إلهاً إلا مسميات تسمية الإناث .
وكنى بالدعاء عن العبادة ، لأنّ من عبد شيئاً دعاه عند حوائجه ومصالحه .
وكانوا يحلون الأصنام بأنواع الحلى ، ويسمونها أنثى وإناث ، جمع أنثى كرباب جمع ربى .
قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : المراد الخشب والحجارة ، فهي مؤنثات لا تعقل ، فيخبر عنها كما يخبر عن المؤنث من الأشياء .
فيجيء قوله : إلا إناثاً ، عبارة عن الجمادات .
وقال أبو مالك والسدي وابن زيد وغيرهم : كانت العرب تسمي أصنامها بأسماء مؤنثة كاللات والعزى ومناة ونايلة .
ويردّ على هذا بأنها كانت تسمى أيضاً بأسماء مذكرة : كهبل ، وذي الخلصة .
وقال الضحاك وغيره : المراد ما كانت العرب تعتقده من تأنيث الملائكة وعبادتهم إياها ، فقيل لهم : هذا على إقامة الحجة من فاسد قولهم .
وقال الحسن : لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه يسمونه أنثى بني فلان ، وفي هذا تعبيرهم بالتأنيث لنقصه وخساسته بالنسبة للتذكير .
وقال الراغب : أكثر ما عبدته العرب من الأصنام كانت أشياء منفعلة غير فاعلة ، فبكتهم الله تعالى أنهم مع كونهم فاعلين من وجه يعبدون ما ليس هو إلا منفعلاً من كل وجه ، وعلى هذا نبه إبراهيم عليه السلام بقوله : { لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر } وقرأ أبو رجاء : إنْ تدعون بالتاء على الخطاب ، ورويت عن عاصم .
وفي مصحف عائشة رضي الله عنها : إلا أوثاناً جمع وثن ، وهو الصنم .
وقرأ بذلك أبو السوار والهناي .
وقرأ الحسن : إلا أنثى على التوحيد .
وقرأ ابن عباس ، وأبو حيوة ، والحسن ، وعطاء ، وأبو العالية ، وأبو نهيك ، ومعاذ القاري : أنثاً .
قال الطبري : فيما حكى إناث كثمار وثمر .
وقال غيره : أنث جمع أنيث ، كغرير وغرر .
وقال المغربي : إلا إناثاً إلا ضعافاً عاجزين لا قدرة لهم ، يقال : سيف أنيث وميناثة بالهاء وميناث غير قاطع .
أنث في أمره لان ، والأنيث المخنث الضعيف من الرجال .
وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وأبو المتوكل ، وأبو الجوزاء : إلا وثناً بفتح الواو والثاء من غير همزة .
وقرأ ابن المسيب ، ومسلم بن جندب ، ورويت عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء : الا أنثا ، يريدون وثناً ، فأبدل الهمزة واواً ، وخرج على أنه جمع جمع إذ أصله وثن ، فجمع على وثان كجمل وجمال ، ثم وثان على وثن كمثال ، ومثل وحمار وحمر .
قال ابن عطية : هذا خطأ ، لأن فعالاً في جمع فعل إنما هو للتكثير ، والجمع الذي هو للتكثير لا يجمع ، وإنما يجمع جموع التقليل ، والصواب أن يقال : وثن جمع وثن دون واسطة ، كأسد وأسد انتهى .
وليس قوله : وإنما يجمع جموع التقليل بصواب ، كامل الجموع مطلقاً لا يجوز أن تجمع بقياس سواء كانت للتكثير أم للتقليل ، نص على ذلك النحويون .
وقرأ أيوب السجستاني : الاوثنا بضم الواو والثاء من غير همزة ، كشقق .
وقرأت فرقة : الاثنا بسكون الثاء ، وأصله وثناً ، فاجتمع في هذا اللفظ ثماني قراءات : إناثاً ، وأنثى ، وأنثا ، وأوثاناً ، ووثناً ، ووثنا ، واثناً ، وأثنا .
{ وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً لعنه الله } المراد به إبليس قاله : الجمهور ، وهو الصواب ، لأن ما قاله بعد ذلك مبين أنه هو .
وقيل : الشيطان المعين بكل صنم : أفرد لفظاً وهو مجموع في المعنى الواحد يدل على الجنس .
قيل ؛ كان يدخل في أجواف الأصنام فيكلم داعيها ، ويحتمل أن يكون لعنه الله صفة ، وأن يكون خبراً عنه .
وقيل : هو دعاء ، ولا يتعارض الحصران ، لأن دعاء الأصنام ناشىء عن دعائهم الشيطان ، لما عبدوا الشيطان أغراهم بعبادة الأصنام ، أو لاختلاف الدعاءين ، فالأول عبادة ، والثاني طواعية .
وقال ابن عيسى : هو مثل : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } يعني : أن نسبة دعائهم الأصنام هو على سبيل المجاز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.