البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا} (150)

{ إن الذين يكفرون بالله ورسله } قال الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج : نزلت في اليهود والنصارى ، آمنت اليهود بموسى والتوراة وكفرت بعيسى ومحمد عليهما السلام ، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل وكفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن .

وقيل : نزلت في اليهود خاصة ، آمنوا بموسى وعزيراً والتوراة وكفروا بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن .

ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما بين ما عليه المنافقون من سوء الخليقة ومذموم الطريقة ، أخذ في الكلام على اليهود والنصارى ، جعل كفرهم ببعض الرسل كفراً بجميع الرسل ، وكفرهم بالرسل كفراً بالله تعالى .

{ ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله } أي يفرقوا بين الإيمان بالله ورسله ، يقولون نؤمن بالله ولا نؤمن ، بفلان ، وفلان من الأنبياء .

{ ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض } يعني من الأنبياء .

وقيل : هو تصديق اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه نبي ، ولكن ليس إلى بني إسرائيل .

ونحو هذا من تفرّقاتهم التي كانت تعنتاً وروغاناً .

{ ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً } أي طريقاً وسطاً بين الكفر والإيمان ولا واسطة بينهما .

/خ159