البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوٓاْ أَبۡنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡيُواْ نِسَآءَهُمۡۚ وَمَا كَيۡدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (25)

{ فلما جاءهم بالحق من عندنا } : أي بالمعجزات والنبوة والدعاء إلى الإيمان بالله ، { قالوا } ، أي أولئك الثلاثة ، { اقتلوا } .

قال ابن عباس : أي أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولاً . انتهى .

يريد أن هذا غير القتل الأول ، وإنما أمروا بقتل أبناء المؤمنين لئلا يتقوى بهم موسى عليه السلام ، وباستحياء النساء للاستخدام والاسترقاق ، ولم يقع ما أمروا به ولا تم لهم ، ولا أعانهم الله عليه .

{ وما كيد الكافرين إلا في ضلال } : أي في حيرة وتخبط ، لم يقع منه شيء ، ولا أنجح سعيهم ، وكانوا باشروا القتل أولاً ، فنفذ قضاء الله في إظهار من خافوا هلاكهم على يديه .

وقيل : كان فرعون قد كف عن قتل الأبناء ، فلما بعث موسى ، وأحس أنه قد وقع ما كان يحذره ، أعاد القتل عليهم غيظاً وحنقاً وظناً منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرة موسى ، وما علم أن كيده ضائع في الكرتين معاً .