فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوٓاْ أَبۡنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡيُواْ نِسَآءَهُمۡۚ وَمَا كَيۡدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (25)

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ } موسى { بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا } وهي معجزاته الظاهرة الواضحة { قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ } قال قتادة هذا قتل غير القتل الأول لأن فرعون قد كان أمسك وكف عن قتل الولدان وقت ولادة موسى فلما بعث الله موسى وأحس بأنه وقع ما وقع ، أعاد القتل على بني إسرائيل غيظا وحنقا فكان يأمر بقتل الذكور وترك الإناث ، ومثل هذا قول فرعون .

{ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } والمعنى أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلونه أولا ، زعما منه أن يصدهم بذلك عن مظاهرته ، ظنا منهم أنه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكهم على يده ، فشغلهم الله عن ذلك بما أنزل عليهم من أنواع العذاب كالضفادع والقمل والدم والطوفان إلى أن خرجوا من مصر فأغرقهم الله تعالى .

{ وَاسْتَحْيُوا } أي استبقوا { نِسَاءَهُمْ } للخدمة { وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } أي في خسران وضياع ووبال ، لأنه يذهب باطلا ولا يغني عنهم شيئا ، ويحيق بهم ما يريده الله عز وجل وإن الناس لا يمتنعون من الإيمان وإن فعل بهم مثل هذا ، بل ينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور ، والقضاء المحتم واللام إما للعهد والإظهار في موضع الإضمار لذمهم بالكفر والإشعار بعلة الحكم ، أو للجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا ، والجملة اعتراض جيء بها في تضاعيف ما حكي عنهم من الأباطيل ، للمسارعة إلى بيان بطلان ما أظهروه ، واضمحلالا بالمرة .