السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوٓاْ أَبۡنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡيُواْ نِسَآءَهُمۡۚ وَمَا كَيۡدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (25)

{ فلما جاءهم بالحق } أي : بالأمر الثابت الذي لا طاقة لأحد بتغيير شيء منه كائناً { من عندنا } على ما لنا من القهر فآمن معه طائفة من قومه { قالوا } أي : فرعون وأتباعه { اقتلوا } أي : قتلاً حقيقياً بإزالة الروح { أبناء الذين آمنوا } به أي : فكانوا { معه } أي : خصوهم بذلك واتركوا من عداهم فلعلهم يكذبونه { واستحيوا نساءهم } أي : اطلبوا حياتهن بأن لا تقتلوهن ، قال قتادة : هذا غير القتل الأول لأن فرعون كان قد أمسك عن قتل الولدان ، فلما بعث موسى عليه السلام أعاد القتل عليهم فمعناه أعيدوا عليهم القتل لئلا ينشؤوا على دين موسى فيقوى بهم ، وهذه العلة مختصة بالبنين فلهذا أمر بقتل الأبناء واستحياء نسائهم { وما } أي : والحال أنه ما { كيد الكافرين } تعميماً وتعليقاً بالوصف { إلا في ضلال } أي : مجانبة للسداد الموصل إلى الظفر والفوز لأنه ما أفادهم أولاً في الحذر من موسى عليه السلام ولا آخراً في صد من آمن به مرادهم بل كان فيه تبارهم وهلاكهم ، وكذا أفعال الفجرة مع أوليائه تعالى ما حفر أحد منهم لأحد منهم حفرة مكراً إلا أركسه الله تعالى فيها .