الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوٓاْ أَبۡنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡيُواْ نِسَآءَهُمۡۚ وَمَا كَيۡدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (25)

{ فَلَمَّا جَاءهُمْ بالحق } بالنبوّة ،

فإن قلت : أما كان قتل الأبناء واستحياء النساء من قبل خيفة أو يولد المولود الذي أنذرته الكهنة بظهوره وزوال ملكه على يده ؟ قلت : قد كان ذلك القتل حينئذ ، وهذا قتل آخر . وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { قَالُواْ اقتلوا } أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولاً ، يريد : أن هذا قتل غير القتل الأول { فِى ضلال } في ضياع وذهاب ، باطلاً لم يجد عليهم ، يعني : أنهم باشروا قتلهم أولاً فما أغنى عنهم ، ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه ، فما يغني عنهم هذا القتل الثاني ، وكان فرعون قد كفّ عن قتل الولدان ، فلما بعث موسى وأحسّ بأنه قد وقع : أعاده عليهم غيظاً وحنقاً ، وظناً منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرة موسى ، وما علم أنّ كيده ضائع في الكرتين جميعاً .