الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوٓاْ أَبۡنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡيُواْ نِسَآءَهُمۡۚ وَمَا كَيۡدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (25)

ثم أخبرَ تعالى عنهم أنهم لما جَاءَهُمْ موسى بالنبوّة والحقِّ من عند اللَّهِ ؛ قال هؤلاءِ الثَّلاثَةُ وأَجْمَعَ رَأْيُهم على أَنْ يُقَتَّلَ أَبْنَاءُ بني إسرائيلَ أَتْبَاعِ موسى ، وشُبَّانُهُمْ وَأَهْلُ القُوَّةِ مِنْهُمْ ، وأن يُسْتَحْيَا النساءُ لِلْخِدْمَةِ وَالاسْتِرْقَاقِ ، وهذا رجوعٌ منهم إلى نحو القتل الأولِ الذي كان قَبْلَ ميلادِ موسى ، ولكنَّ هذا الأخيرَ لم تَتِمَّ لهم فيه عزمةٌ ، لاَ أعانَهُمُ اللَّه تعالى على شَيْءٍ منه ، قال قتادة : هذا قَتَلٌ غيرُ الأولِ الذي كانَ حَذَرَ المولودِ ، وسَمَّوْا مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ بني إسرائيلَ أَبْنَاءَ ؛ كما تقولُ لإنجَادِ القبيلةِ أو المدينةِ وأَهْلِ الظُّهُورِ فِيها : هؤلاءِ أبناءُ فُلاَنَةٍ .

وقوله تعالى : { وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِي ضلال } عبارةٌ وَجِيزَةٌ تُعْطي قوَّتُها أنَّ هؤلاءِ الثلاثةَ لَمْ يُقْدِرْهُمُ اللَّهُ تعالى على قتلِ أحدٍ مِنْ بني إسرائيل ، ولاَ نَجَحَتْ لهم فيهم سِعَايَةٌ .