البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

والظاهر حمل الدعاء والاستجابة على ظاهرهما ، إلا أن الاستجابة مقيدة بمشيئة الله .

قال السدي : اسألوني أعطكم ؛ وقال الضحاك : أطيعوني آتكم ؛ وقالت فرقة منهم مجاهد : ادعوني ، اعبدوني وأستجب لكم ، آتيكم على العبادة .

وكثيراً جاء الدعاء في القرآن بمعنى العبادة ، ويقوي هذا التأويل قوله : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } .

وما روى النعمان بن بشير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الدعاء هو العبادة » ، وقرأ هذه الآية .

وقال ابن عباس : وحدوني أغفر لكم ؛ وقيل للثوري : ادع الله تعالى ، فقال : إن ترك الذنوب هو الدعاء .

وقال الحسن ، وقد سئل عن هذه الآية : اعملوا وأبشروا ، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ويزيدهم من فضله .

وقال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله » { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } : أي عن دعائي .

وقرأ جمهور السبعة ، والحسن ، وشيبة : سيدخلون مبنياً للفاعل ؛ وزيد بن علي ، وابن كثير ، وأبو جعفر : مبنياً للمفعول ؛ واختلف عن عاصم وأبي عمرو .

داخرين : ذليلين .