البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

تعس الرجل ، بفتح العين ، تعساً : ضد تنعش ، وأتعسه الله . قال مجمع بن هلال :

تقول وقد أفردتها من حليلها *** تعست كما أتعستني يا مجمع

وقال قوم ، منهم عمرو بن شميل ، وأبو الهيثم : تعس ، بكسر العين . وعن أبي عبيدة : تعسه الله وأتعسه : في باب فعلت وأفعلت . وقال ابن السكيت : التعس : أن يجر على الوجه ، والنكس : أن يجر على الرأس . وقال هو أيضاً ، وثعلب : التعس : الهلاك . وقال الأعشى :

بذات لوث عفرناة إذا عثرت *** فالتعس أولى لها من أن أقول لعا

{ فتعساً لهم } : قال ابن عباس : بعد الهم ؛ وابن جريج ، والسدي : حزناً لهم ؛ والحسن : شتماً ؛ وابن زيد : شقاء ؛ والضحاك : رغماً ؛ وحكى النقاش : قبحاً .

{ والذين كفروا } : مبتدأ ، والفاء داخلة في خبر المبتدأ وتقديره : فتعسهم الله تعساً .

فتعساً : منصوب بفعل مضمر ، ولذلك عطف عليه الفعل في قوله : { وأضل أعمالهم } .

ويجوز أن يكون الذين منصوباً على إضمار فعل يفسره قوله : { فتعساً لهم } ، كما تقول : زيداً جدعاً له .

وقال الزمخشري : فإن قلت : على م عطف قوله : وأضل أعمالهم ؟ قلت : على الفعل الذي نصب تعساً ، لأن المعنى : فقال تعساً لهم ، أو فقضى تعساً لهم ؛ وتعساً لهم نقيض لعى له . انتهى .

وإضمار ما هو من لفظ المصدر أولى ، لأن فيه دلالة على ما حذف .

وقال ابن عباس : يريد في الدنيا القتل ، وفي الآخرة التردي في النار . انتهى .

وفي قوله : { فتعساً لهم } : أي هلاكاً بأداة تقوية لقلوب المؤمنين ، إذ جعل لهم التثبيت ، وللكفار الهلاك والعثرة .