البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

{ يسأله من في السماوات والأرض } : أي حوائجهم ، وهو ما يتعلق بمن في السموات من أمر الدين وما استعبدوا به ، ومن في الأرض من أمر دينهم ودنياهم .

وقال أبو صالح : من في السموات : الرحمة ، وسن في الأرض : المغفرة والرزق .

وقال ابن جريج : الملائكة الرزق لأهل الأرض ، والمغفرة وأهل الأرض يسألونهما جميعاً .

والظاهر أن قوله : يسأله استئناف إخبار .

وقيل : حال من الوجه ، والعامل فيه يبقى ، أي هو دائم في هذه الحال .

انتهى ، وفيه بعد .

ومن لا يسأل ، فحاله تقتضي السؤال ، فيصح إسناد السؤال إلى الجميع باعتبار القدر المشترك ، وهو الافتقار إليه تعالى .

{ كل يوم } : أي كل ساعة ولحظة ، وذكر اليوم لأن الساعات واللحظات في ضمنه .

{ هو في شأن } ، قال ابن عباس : في شأن يمضيه من الخلق والرزق والإحياء والإماتة .

وقال عبيد بن عمير : يجيب داعياً ، ويفك عانياً ، ويتوب على قوم ، ويغفر لقوم .

وقال سويد بن غفلة : يعتق رقاباً ، ويعطي رغاماً ويقحم عقاباً .

وقال ابن عيينة : الدهر عند الله يومان ، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا ، فشأنه فيه الأمر والنهى والإمانة والإحياء ؛ والثاني الذي هو يوم القيامة ، فشأنه فيه الجزاء والحساب .

وعن مقاتل : نزلت في اليهود ، فقالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شيئاً .

وقال الحسين بن الفضل ، وقد سأله عبد الله بن طاهر عن قوله : { كل يوم هو في شأن } : وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال : شؤون يبديها ، لا شؤون يبتديها .

وقال ابن بحر : هو في يوم الدنيا في الابتلاء ، وفي يوم القيامة في الجزاء .

وانتصب { كل يوم } على الظرف ، والعامل فيه العامل في قوله : { في شأن } ، وهو مستقر المحذوف ، نحو : يوم الجمعة زيد قائم .