البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

الوردة : الشديدة الحمرة ، يقال : فرد ورد ، وحجرة وردة . الدهان : الجلد الأحمر . أنشد القاضي منذر بن سعد ، رحمه الله :

تبعن الدهان الحمر كل عشية *** بموسم بدر أو بسوق عكاظ

{ فإذا انشقت السماء } : جواب إذا محذوف ، أي فما أعظم الهول ، وانشقاقها : انفطارها يوم القيامة .

{ فكانت وردة } : أي محمرة كالورد .

قال ابن عباس وأبو صالح : هي من لون الفرس الورد ، فأنث لكون السماء مؤنثة .

وقال قتادة : هي اليوم زرقاء ، ويومئذ تغلب عليها الحمرة كلون الورد ، وهي النوار المعروف ، قاله الزجاج ، ويريد كلون الورد ، وقال الشاعر :

فلو كانت ورداً لونه لعشقتني *** ولكن ربي شانني بسواديا

وقال أبو الجوزاء : وردة صفراء .

وقال : أما سمعت العرب تسمي الخيل الورد ؟ قال الفراء : أراد لون الفرس الورد ، يكون في الربيع إلى الصفرة ، وفي الشتاء إلى الحمرة ، وفي اشتداد البرد إلى الغبرة ، فشبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل ، وهذا قول الكلبي .

{ كالدهان } ، قال ابن عباس : الأديم الأحمر ، ومنه قول الأعشى :

وأجرد من كرام الخير طرف *** كأن على شواكله دهاناً

وقال الشاعر : كالدهان المختلفة ، لأنها تتلون ألواناً .

وقال الضحاك : كالدهان خالصة ، جمع دهن ، كقرط وقراط .

وقيل : تصير حمراء من حرارة جهنم ، ومثل الدهن لذوبها ودورانها .

وقيل : شبهت بالدهان في لمعانها .

وقال الزمخشري : { كالدهان } : كدهن الزيت ، كما قال : { كالمهل } وهو دردي الزيت ، وهو جمع دهن ، أو اسم ما يدهن به ، كالحرام والأدام ، قال الشاعر :

كأنهما مزادتا متعجل *** فريان لما سلعا بدهان

وقرأ عبيد بن عمير : وردة بالرفع بمعنى : فحصلت سماء وردة ، وهو من الكلام الذي يسمى التجريد ، كقوله :

فلئن بقيت لأرحلن بغزوة *** نحو المغانم أو يموت كريم

انتهى .