أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

شرح الكلمات :

{ إنا سنلقي عليك قولا } : أي قرآنا .

{ ثقيلا } : أي محملة ثقيلا العمل به لما يحوى من التكاليف .

المعنى :

وقوله { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } يخبره ربّه تعالى بأنه سيلقي عليه قولا ثقيلا هو القرآن فإِنه ثقيل مهيب ذو تكاليف العمل بها ثقيل إنها فرائض وواجبات أعلمه ليوطن نفسه على العمل ويهيئها لحمل الشريعة علما وعملا ودعوة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

{ إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } قال ابن عباس رضي الله عنهما : شديداً . قال الحسن : إن الرجل ليهذ السورة ولكن العمل بها ثقيل . وقال قتادة : ثقيل والله فرائضه وحدوده . وقال مقاتل : ثقيل لما فيه من الأمر والنهي والحدود . وقال أبو العالية : ثقيل بالوعد والوعيد والحلال والحرام . وقال محمد بن كعب : ثقيل على المنافقين . وقال الحسين بن الفضل : قولاً خفيفاً على اللسان ثقيلاً في الميزان . وقال الفراء : ثقيل ليس بالخفيف السفساف لأنه كلام ربنا . وقال ابن زيد : هو والله ثقيل مبارك ، كما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد السرخسي ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم " أن الحرث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس ، وهذا أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول . قالت عائشة : ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

ولما كان المراد منه صلى الله عليه وسلم الثبات للنبوة ومن أمته الثبات {[69408]}في الاقتداء{[69409]} به في العمل والأمر والنهي ، وكان ذلك في غاية الصعوبة ، وكان الإنسان عاجزاً إلا بإعانة مولاه ، وكان العون النافع إنما يكون لمن صفت نفسه عن الأكدار وأشرقت بالأنوار ، وكان ذلك إنما يكون بالاجتهاد في خدمته سبحانه ، علل هذا الأمر بقوله مبيناً للقرآن الذي أمر بقراءته ما هو وما وصفه ، معلماً أن التهجد يعد للنفس من القوى ما به يعالج المشقات ، مؤكداً لأن الإتيان بما هو خارج عن جميع أشكال الكلام لا يكاد يصدق : { إنا } أي بما لنا من العظمة { سنلقي } أي قريباً بوعد لا خلف فيه فتهيأ{[69410]} لذلك بما يحق له .

ولما كان المقام لبيان الصعوبة ، عبر بأداة الاستعلاء فقال : { عليك } وأشار إلى اليسر مع ذلك إشارة إلى

{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }[ القمر : 17 ] بالتعبير بما تدور مادته على اليسر والخفة فقال : { قولاً } يعني القرآن { ثقيلاً * } أي لما فيه من التكاليف الشاقة من جهة-{[69411]} حملها وتحميلها للمدعوين{[69412]} لأنها تضاد الطبع وتخالف النفس ، ومن جهة رزانة لفظه لامتلائه بالمعاني مع جلالة{[69413]} معناه وتصاعده في خفاء فلا يفهمه المتأمل ويستخرج ما فيه من الجواهر إلا بمزيد فكر وتصفية سر وتجريد نظر ، فهو ثقيل على الموافق من جميع هذه الوجوه وغيرها ، وعلى المخالف من جهة أنه لا يقدر على رده ولا يتمكن من طعن فيه بوجه مع أنه ثقيل في الميزان وعند تلقيه وله وزن وخطر وقدر عظيم ، روي في الصحيح{[69414]} : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الوحي يفصم عنه وإن جبينه ليتفصد{[69415]} عرقاً في اليوم الشاتي الشديد البرد " وكان –صلى الله عليه وسلم _ إذا أنزل عليه الوحي وهو راكب على ناقته{[69416]} وضعت جرانها فلا تكاد تتحرك حتى يسري عنه " قال القشيري : وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سورة الأنعام{[69417]} نزلت عليه جملة واحدة{[69418]} وهو راكب فبركت ناقته من ثقل القرآن{[69419]} وهيبته ، وهو مع ثقله على الأركان خفيف على اللسان سهل التلاوة والحفظ على الإنسان .


[69408]:من ظ و م، وفي الأصل: بالاقتدى.
[69409]:من ظ و م، وفي الأصل: بالاقتدى.
[69410]:من ظ و م، وفي الأصل: فهيأ.
[69411]:زيد من ظ.
[69412]:من ظ و م، ووردت الكلمة ناقصة في الأصل مع بياض يسير.
[69413]:من ظ و م، وفي الأصل: جلالته.
[69414]:راجع بدء الوحي.
[69415]:من ظ و م والصحيح، وفي الأصل: ليقطر.
[69416]:في م: ناقة.
[69417]:زيد في الأصل: لما نزلت سورة الأنعام صلى الله عليه وسلم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69418]:سقط من ظ و م.
[69419]:زيد في الأصل: هو مع.