وقوله { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } اعتراض بين الأمر بقيام الليل وبين تعليله بقوله الآتي { إن ناشئة الليل } والقصد بها الاعتراض تسهيل ما كلفه من القيام كأنه يقول إن قيام الليل وإن كان عليك فيه مشقة لكنه أسهل من غيره من التكاليف فإنا سنلقي الخ . وقال السمين هذه الجملة مستأنفة ، وقال الزمخشري هذه الآية اعتراض ويعني الاعتراض من حيث المعنى لا من حيث الصناعة ، والمعنى سنوحي وسننزل إليك القرآن وهو قول ثقيل ، وكلام عظيم ذو خطر وعظمة ، لأنه كلام رب العالمين وكل شيء له خطر ومقدار فهو ثقيل .
قال قتادة : ثقيل والله فرائضه وحدوده ، وقال مجاهد : حلاله وحرامه ، وقال الحسن : العمل به ، وقال أبو العالية : ثقيلا بالوعد والوعيد والحلال والحرام ، وقال محمد بن كعب : ثقيل على المنافقين والكفار بما فيها من الاحتجاج عليهم والبيان لضلالهم وهتك أسرارهم ، وبطلان أديانهم وسب آلهتهم ، وقال السدي : ثقيل بمعنى كريم من قولهم فلان ثقل عليّ أي كرم عليّ ، قال الفراء " : ثقيلا أي رزينا ليس بالخفيف السفساف ، لأنه كلام ربنا ، وقال الحسين بن الفضل : ثقيلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ، ونفس مزينة بالتوحيد ، وقيل هو خفيف على اللسان بالتلاوة ثقيل في الميزان بالثواب يوم القيامة ، وقيل ثقيل أي ثابت كثبوت الثقيل في محله ، ومعناه أنه ثابت الإعجاز لا يزول إعجازه أبدا ، وقيل وصفه بكونه ثقيلا حقيقة لما ثبت " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها ( {[1650]} ) على الأرض فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرى عنه " أخرجه أحمد وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن عائشة ( {[1651]} ) .
وقيل ثقيلا بمعنى أن العقل الواحد لا يفي بادراك فوائده ومعانيه بالكلية ، فالمتكلمون غاصوا في بحار معقولاته ، والفقهاء بحثوا عن أحكامه وكذا أهل اللغة والنحو والمعاني والبيان ، ثم لا يزال كل متأخر يفوز منه بفوائد ما وصل إليها المتقدمون ، فعلمنا أن الإنسان الواحد لا يقوى على الاستقلال بحمله فصار كالجبل الثقيل الذي يعجز الخلق عن حمله ، والأولى أن جميع هذه المعاني فيه ، وقال القشيري القول الثقيل هو قول لا إله إلا الله لأنه ورد في الخبر " لا إله إلا الله خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.