لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

{ إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } قال ابن عباس شديداً . وقيل ثقيلاً يعني كلاماً عظيماً جليلاً ذا خطر وعظمة لأنه كلام رب العالمين وكل شيء له خطر ومقدار فهو ثقيل والمعنى فصير نفسك مستعدة لقبول هذا القول العظيم الثقيل الشاق ، وقيل سماه ثقيلاً لما فيه من الأوامر والنواهي فإن فيه مشقة وكلفة على الأنفس وقيل ثقيلاً لما فيه من الوعد والوعيد والحلال والحرام والحدود والفرائض والأحكام . وقيل ثقيلاً على المنافقين لأنه يبين عيوبهم ويظهر نفاقهم ، وقيل هو خفيف على اللسان بالتلاوة ثقيل في الميزان بالثواب يوم القيامة . وقيل ثقيلاً أي ليس بالخفيف ولا السفساف لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى . وقيل معناه أنه قول مبين في صحته وبيانه ونفعه كما تقول هذا كلام رصين وهذا قول له وزن إذا استجدته وعلمت أنه صادق الحكمة والبيان . وقيل سماه ثقيلاً لما فيه من المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ . وقيل ثقيلاً في الوحي وذلك أنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا نزل عليه القرآن والوحي يجد له مشقة » ، ( ق ) عن عائشة رضي الله عنها «أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهذا أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وأحياناً يتمثل إلي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول . قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً » ( م ) عن عبادة بن الصامت قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد له وجهه » وفي رواية «كان إذا نزل عليه الوحي عرفنا ذلك في فيه وغمض عينيه وتربد وجهه » قوله مثل صلصلة الجرس الصلصة الصوت الشديد الصلب اليابس من الأشياء الصلبة كالجرس ونحوه . قوله فيفصم أي ينفصل عني ويفارقني وقد وعيت ما قال أي حفظت . وقولها ليتفصد عرقاً أي يجري عرقه كما يجري الدم من الفاصد . قوله تربد وجهه الربدة في الألوان غبرة مع سواد .