الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

وقوله تعالى : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } يعني القُرآن ، واخْتُلِفَ لم سمّاه ثقيلاً ، فقال جماعةٌ مِنَ المفسرينَ : لِمَا كَانَ يَحُلُّ برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ ثِقْلِ الجِسْمِ ؛ حَتَّى إنَّه كَانَ إذا أُوحي إليه وهُو على نَاقَتِهِ ؛ بَرَكَتْ بهِ وحَتَّى كَادَتْ فَخِذُه أنْ تَرُضُّ فَخِذَ زَيْدِ بن ثابت رضي اللَّه عنه ، وقيل : لثِقَلِهِ على الكفارِ والمنافقينَ بإعْجَازِه ووَعْدِه ووعيدهِ ونحو ذلك ، وقال حُذَّاقُ العلماء : معناه : ثَقِيلُ المَعانِي من الأَمْرِ بالطاعاتِ ، والتكاليفِ الشرعية من الجهاد ، ومزاولةِ الأعمال الصالحاتِ دائماً ، قال الحسن : إنَّ الهَذَّ خَفِيفٌ ولَكِنَّ العَمَل ثقيل . ( ت ) : والصوابُ عندي أَنْ يُقَالَ : أما ثِقَلُه باعتبارِ النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو مَا كَان يَجِدُه عليه السلامُ من الثقل المَحْسُوسِ وأما ثِقَلُه باعتبارِ سائرِ الأمةِ فهو ما ذُكِرَ من ثقل المعاني ، وقَدْ زَجَرَ مالكٌ سائِلاً سأله عن مسألةٍ وَقَالَ : يا أبا عَبْدِ اللَّه ؛ إنها مسألةٌ خفيفةٌ ؛ فغَضِبَ مالكٌ وقال : لَيْسَ في العِلم خَفِيفٌ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّه تعالى : { إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } فَالْعِلْمُ كُلُّه ثقيلُ ، انتهى من «المدارك » لعياضٍ .