{ وكم أهلكنا قبلهم من قرن } : أي كثيرا من أهل القرون قبل كفار قريش أهلكناهم .
{ هم أش منهم بطشا } : أي أهل القرون الذي أهلكناهم قبل كفار قريش هم أشد قوة وأعظم أخذا من كفار قريش ومع هذا أهلكناهم .
{ فنقبوا في البلاد هل من محيص } : أي بحثوا وفتشوا في البلاد علَّهم يجدون مهرباً من الهلاك فلم يجدوا .
بعد ذلك العرض العظيم لأحوال القيامة وأهوالها على كفار قريش المكذبين بالتوحيد والنبوة والبعث ولم يؤمنوا فكانوا بذلك متعرضين للعذاب فأخبر تعالى رسوله أن هلاكهم يسير فكم أهلك تعالى { قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً } أي قوة وأخذاً ولما جاءهم العذاب فروا يبحثون عن مكان يحيصون إليه أي يلجأون فلم يجدوا وهو معنى قوله تعالى { فنقبوا في البلاد هل من محيص } ؟
- مشروعية تخويف العصاة والمكذبين بالعذاب الإلهي وقربه وعدم بعده .
قوله عز وجل : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد } ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق . { هل من محيص } فلم يجدوا محيصاً من أمر الله . وقيل : هل من محيص مفر من الموت ؟ فلم يجدوا فيه إنذار لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفراً عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله .
قوله تعالى : " وكم أهلكنا قبلهم من قرن " أي كم أهلكنا يا محمد قبل قومك من أمة هم أشد منهم بطشا وقوة . " فنقبوا في البلاد " أي ساروا فيها طلبا للمهرب . وقيل : أثَّرُوا في البلاد ، قاله ابن عباس . وقال مجاهد : ضربوا وطافوا . وقال النضر بن شميل : دَوَّروا . وقال قتادة : طوفوا . وقال المؤرج تباعدوا ، ومنه قول امرئ القيس :
وقد نَقَّبْتُ في الآفاق حتى *** رضيتُ من الغنيمة بالإيَابِ
ثم قيل : طافوا في أقاصي البلاد طلبا للتجارات ، وهل وجدوا من الموت محيصا ؟ . وقيل : طوفوا في البلاد يلتمسون محيصا من الموت . قال الحرث بن حلزة :
نَقَّبُوا في البلاد من حَذَرِ المو *** ت وجالُوا في الأرض كلَّ مَجَالِ
وقرأ الحسن وأبو العالية " فنقبوا " بفتح القاف وتخفيفها . والنقب هو الخرق والدخول في الشيء . وقيل : النقب الطريق في الجبل ، وكذلك المنقب والمنقبة ، عن ابن السكيت . ونقب الجدار نقبا ، واسم تلك النقبة نقب أيضا ، وجمع النقب النُّقوب ، أي خرقوا البلاد وساروا في نقوبها . وقيل : أثروا فيها كتأثير الحديد فيما ينقب . وقرأ السلمي يحيى بن يعمر " فنقبوا " بكسر القاف والتشديد على الأمر بالتهديد والوعيد ، أي طوفوا البلاد وسيروا فيها فانظروا " هل من " الموت " محيص " ومهرب ، ذكره الثعلبي . وحكى القشيري " فنقبوا " بكسر القاف مع التخفيف ، أي أكثروا السير فيها حتى نقبت دوابهم . الجوهري : ونقب البعير بالكسر إذا رَقَّتْ أَخْفَافُه ، وأنقب الرجل ، إذا نقب بعيره ، ونقب الخف الملبوس أي تخرق . والمحيص مصدر حاص عنه يحيص حَيْصا وحُيُوصا ومَحِيصا ومُحَاصا وحَيَصَانا ، أي عدل وحاد . يقال : ما عنه محيص أي محيد ومهرب . والانحياص مثله ؛ يقال للأولياء : حاصوا عن العدو وللأعداء انهزموا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.