تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَشَدُّ مِنۡهُم بَطۡشٗا فَنَقَّبُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ هَلۡ مِن مَّحِيصٍ} (36)

الآية 36 وقوله تعالى : { وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أشدّ منهم بطشا فنقّبوا في البلاد هل من محيص } هذا يخرّج على وجهين :

أحدهما : يقول : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن } لم يملكوا دفع ذلك عن أنفسهم ولا الانتصار على ذلك ، فكيف يملك قومك دفع ما ينزل بهم لو أصرّوا على التكذيب ؟

والثاني : يقول : قد أهلك الذين كانوا قبل قومك : الذين كذّبوا رسلهم ، أُهلكوا إهلاك عقوبة وتعذيب ، والذين صدّقوا أُهلكوا بآجالهم لا إهلاك عقوبة .

وقد كانوا جميعا المصدّقين والمكذبين سواء في هذه الدنيا . وفي الحكمة التفريق بينهم{[19819]} . دلّ أن هنالك دارا أخرى يفرّق بينهم{[19820]} ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فنقّبوا في البلاد } قال أبو عوسجة : { فنقّبوا في البلاد هل من محيص } أي صاروا في البلاد ، هل من مفرّ ؟

وقال القتبيّ : { فنقّبوا في البلاد } أي طافوا ، وتباعدوا { هل من محيص } أي هل يجدون من الموت محيصًا أي مفرًّا ؟

ويحتمل أي تقلّبوا في البلاد في تجاراتهم [ فلم يجدوا ]{[19821]} ملجأ يردّ به هلاكهم ؛ يوعد بما ذكر أهل مكة أنهم لم يجدوا محيصا ، فكيف تجدون أنتم ؟


[19819]:في الأصل وم: بينهما.
[19820]:في الأصل وم: بينهما.
[19821]:في الأصل وم: فلا يجدون.