محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَشَدُّ مِنۡهُم بَطۡشٗا فَنَقَّبُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ هَلۡ مِن مَّحِيصٍ} (36)

{ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقّبوا في البلاد هل من محيص 36 } .

{ وكم أهلكنا قبلهم } أي قبل هؤلاء المشركين من قريش { من قرن هم أشد منهم بطشا } أي قوة ، كعاد وفرعون وثمود { فنقّبوا في البلاد } أي فضربوا فيها وساروا وطافوا أقاصيها . وقال امرؤ القيس :{[6773]}

لقد نقبت في الآفاق حتى *** رضيتُ من الغنيمة بالإياب

{ هل من محيص } أي هل كان لهم ، بتنقيبهم في البلاد ، من معدل عن الهلاك الذي وعدوا به لتكذيبهم الحق . والضمير على هذا في { نقبوا } للقرن الذين هم أشد بطشا . وجوز عوده لهؤلاء المشركين . أي ساروا في أسفارهم في بلاد القرون ، فهل رأوا لهم محيصا حتى يتوقعوا مثله لأنفسهم ؟

قال ابن جرير :{[6774]} وقرأت القراء قوله { فنقّبوا } بالتشديد وفتح القاف ، على وجه / الخبر عنهم .

وذكر عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ { فنقّبوا } بكسر القاف ، على وجه التهديد والوعيد . أي طوفوا في البلاد وترددوا فيها ، فإنكم لن تفوتونا بأنفسكم .


[6773]:من قصيدته التي مطلعها: أرانا مُوضِعِين لأمر غيب*** ونُسْحَرُ بالطعام وبالشراب انظر الصفحة رقم 99 من الديوان(طبعة المعارف(. الرواية في جميع نسخ الديوان(طوّفت) وفي هامش شعراء النصرانية (وفي رواية نقبت) طَوّفَت: أكثرت الطواف والمشي في نواحي الأرض حتى شق عليّ ذلك. وصرت أرى الرجوع إلى أهلي من غير ظفر ولا فائدة ولا غنيمة. والإياب: الرجوع.
[6774]:انظر الصفحة رقم 176 من الجزء السادس والعشرين( طبعة الحلبي الثانية(.