ثم خوف سبحانه أهل مكة بما اتفق للقرون الماضية قبلهم ، فقال :
{ وكم أهلكنا قبلهم } أي قبل قريش ومن وافقهم { من قرن } أي أمة كثيرة من الكفار { هم أشد منهم بطشا } أي : قوة كعاد وثمود وغيرهم { فنقبوا في البلاد } قرئ بتشديد القاف على الماضي ، والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب ، أي ساروا وتقلبوا فيها ، وطافوا بقاعها طلبا للهرب ، وأصله من النقب وهو الطريق ، قال مجاهد : ضربوا وطافوا ، وقال النضر بن شميل : دوروا ، وقال المؤرج : تباعدوا ، والأول أولى ؛ وقرأ ابن عباس وغيره نقبوا بفتح القاف مخففة والنقب هو الخرق والطريق في الجبل وكذا المنقب والمنقبة ؛ كذا قال ابن السكيت : وجمع النقب نقوب ؛ وقرئ بكسر القاف مشددة على الأمر للتهديد ، أي طوفوا فيها وسيروا في جوانبها .
ولما كان التقدير ولم يسلموا مع كثرة تنقيبهم وتفتيشهم توجه سؤال فيه تنبيه الغافل وتقريع وتبكيت للمعاند الجاهل بقوله { هل من محيص ؟ } لهم أو لغيرهم : أي من معدل ومحيد ، ومهرب يهربون إليه من الموت أو مخلص يتخلصون به من العذاب ؛ ليكون لهؤلاء وجه ما في رد أمرنا ؛ وهل حرف استفهام ، ومن زائدة ، قال الزجاج : لم يروا محيصا من الموت ؛ والمحيص مصدر حاص عنه يحيص حيصا وحيوصا ومحيصا ومحاصا وحيصانا أي عدل وحاد ، والجملة مستأنفة لبيان أنه لا مهرب لهم ولا مفر ، وهي من كلام الله تعالى ، إذ لو كانت من كلامهم لكان التقدير هل من محيص لنا ؟ فليتأمل وفي هذا إنذار لأهل مكة أنهم مثل من قبلهم من القرون لا يجدون من الموت والعذاب مفرا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.