أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

شرح الكلمات :

{ ليعلم } : أي الله علم ظهور أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم .

{ أحصى كل شيء عددا } : أي أحصى عدد كل شيء .

المعنى :

وذلك ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد بلغت رسالات ربها لما أحاطها تعالى به من العناية حتى إنه إذا جاءه الوحي كان معه أربعة ملائكة يحمونه من الشياطين حتى لا يسمعوا خبر السماء فيبلغوا أولياءهم من الإِنس ، فتكون فتنة في النار وقوله { وأحاط } أي الله جل جلاله { بما لديهم } اي بما لدى الملائكة والرسل علما { وأحصى كل شيء عددا } أي وأحصى عدد كل شيء فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم .

الهداية :

من الهداية :

- بيان إحاطة علم الله بكل شيء وإحصائه تعالى لكل شيء عدَّا .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

قوله تعالى : " ليعلم " قال قتادة ومقاتل : أي ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة . وفيه حذف يتعلق به اللام ، أي أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ بالحق والصدق . وقيل : ليعلم محمد أن قد أبلغ جبريل ومن معه إليه رسالة ربه . قاله ابن جبير . قال : ولم ينزل الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة عليهم السلام . وقيل : ليعلم الرسل أن الملائكة بلغوا رسالات ربهم . وقيل : ليعلم الرسول أي رسول كان أن الرسل سواه بلغوا . وقيل : أي ليعلم إبليس أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه واستراق أصحابه . وقال ابن قتيبة : أي ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما نزل عليهم ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع عليهم . وقال مجاهد : ليعلم من كذب الرسل أن المرسلين قد بلغوا رسالات ربهم . وقراءة الجماعة " ليعلم " بفتح الياء وتأويله ما ذكرناه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب بضم الياء أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا . وقال الزجاج : أي ليعلم الله أن رسله قد أبلغوا رسالاته بفتح الياء ، كقوله تعالى : " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " [ آل عمران : 142 ] المعنى ليعلم الله ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا . " وأحاط بما لديهم " أي أحاط علمه بما عندهم ، أي بما عند الرسل وما عند الملائكة . وقال ابن جبير : المعنى : ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط علمه بما لديهم ، فيبلغوا رسالاته . " وأحصى كل شيء عددا " أي أحاط بعدد كل شيء وعرفه وعلمه فلم يخف عليه منه شيء . و " عددا " نصب على الحال ، أي أحصى كل شيء في حال العدد ، وإن شئت على المصدر ، أي أحصى وعد كل شيء عددا ، فيكون مصدر الفعل المحذوف . فهو سبحانه المحصي المحيط العالم الحافظ لكل شيء وقد بينا جميعه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى . والحمد لله وحده{[15494]} .


[15494]:في ط: "تمت السورة بحمد الله وعونه".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

ولما كان هذا الدأب من الحفظ في كل{[69320]} رسول بين الغاية جامعاً{[69321]} تعييناً لما اقتضاه الجنس ، وبياناً لأن الأفراد أولاً مراد به الجمع ، وأنه ما عبر به إلا لتشمل الحراسة كل فرد{[69322]} منهم فقال : { ليعلم } أي الله علماً كائناً واقعاً على هذه الصفة التي تعلق{[69323]} بها علمه{[69324]} في الأزل قبل وجودها بما لا يعلمه إلا هو سبحانه أنها ستكون { أن } أي إن الرسل عليهم الصلاة والسلام { قد أبلغوا } أي إلى من أرسلوا إليه { رسالات ربهم } أي الذي أوجدهم ودبر جميع أمورهم واختارهم لرسالاته{[69325]} على ما {[69326]}هي عليه{[69327]} لم يشبها شائبة ولا لحقها غبر . ولما كان هذا ربما أوهم أنه محتاج في الحفظ إلى الرصد{[69328]} أزال ذلك بقوله{[69329]} : { وأحاط } أي فعل ذلك والحال أنه قد أحاط { بما لديهم } أي الرسل والمرسل إليهم من الملائكة والبشر على أدق الوجوه وأعظمها وأغربها بما أشار إليه التعبير بلدى ، ولما كان هذا كافياً في المقصود ، لكنه قاصر على محل الحاجة عم تعريفاً بالأمر على ما هو عليه ، فقال حاملاً على شدة الوثوق بما تقوله الرسل عن ربهم وأنه لا لبس فيه ولا غائلة بوجه ، مبيناً غاية البيان كذب حديث الغرانيق الذي ذكره بعض المفسرين وغيرهم في سورة والنجم : { وأحصى } أي الله سبحانه وتعالى { كل شيء } أي على العموم من غير استثناء أصلاً { عدداً * } أي من جهة العدد لكل{[69330]} ما يمكن عده ولو على أقل مقادير{[69331]} الذر فيما لم يزل وفيما لا يزال ، فهو دليل قاطع على علمه تعالى بالجزئيات كعلمه بالكليات ، وقد التقى أول السورة وآخرها وباطنها الغيبي وظاهرها ، فدل آخرها على الأول المجمل ، وأولها على الآخر المفصل ، وذلك أن أول السورة بين عظمة الوحي بسبب الجن ، ثم بين في أثنائها حفظه من مسترقي السمع ، وختم بتأكيد حفظه و{[69332]}حفظ جميع{[69333]} كلماته واستمر في تأكيد أمره حتى بانت عظمة هذا القرآن ، وظهرت عزة هذا الفرقان ، على كل كتاب ، بكل اعتبار وحساب

ختام السورة:

وقد التقى أول السورة وآخرها وباطنها الغيبي وظاهرها ، فدل آخرها على الأول المجمل ، وأولها على الآخر المفصل ، وذلك أن أول السورة بين عظمة الوحي بسبب الجن ، ثم بين في أثنائها حفظه من مسترقي السمع ، وختم بتأكيد حفظه وحفظ جميع كلماته واستمر في تأكيد أمره حتى بانت عظمة هذا القرآن ، وظهرت عزة هذا الفرقان{[1]} ، على كل كتاب ، بكل اعتبار وحساب ، فافتتح المزمل بمثل ذلك وختمها بالأمر بقراءة ما تيسر منه ، وذكر في المدثر طعن الطاعن فيه وما ناله بسبب ذلك الطعن من الخزي والعذاب في الدنيا والآخرة مع ضمان الحفظ منه ، ثم نهى نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة القيامة عن العجلة في أمره لئلا يختل حفظه ، أو يزيغ أدنى زيغ لفظه ، و{[2]}تشريعاً لأمته في ترك الاستعجال ، فإنه ليس من دأب الرجال ، ثم أكد أمر تنزيله في الإنسان ، وبين أن علة الإعراض عنه حب العاجلة التي هي عين النقصان ، وختم المرسلات بنهاية ما تخيل الأوهام والظنون ، فقال

فبأي حديث بعده يؤمنون }[ الأعراف : 185 ] فسبحان{[3]} من نظمه هذا{[4]} النظام ، وجعله أقصى المراد وغاية المرام ، وصلى الله على من لا نبي بعده على الدوام{[5]} .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[69320]:- زيد من ظ وم.
[69321]:- من ظ وم، وفي الأصل: جامعة.
[69322]:- زيد في م: فرد.
[69323]:- من م، وفي الأصل وظ: يتعلق.
[69324]:- زيد من ظ وم.
[69325]:- من م، وفي الأصل وظ: رسالته.
[69326]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69327]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69328]:- زيد من ظ وم.
[69329]:- زيد من ظ وم.
[69330]:- من م، وفي الأصل وظ: من كل.
[69331]:- من ظ وم، وفي الأصل: تقدير تقادير.
[69332]:- من ظ ، وفي الأصل: جمع، وفي م: حفظ.
[69333]:- من ظ ، وفي الأصل: جمع، وفي م: حفظ.