بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

{ لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رسالات رَبّهِمْ } يعني : ليعلموا الرسول أن الذي أنزل إليه من رسالات الله ؛ وذلك أن الملائكة لو لم يرصدوهم ، لما يستمعوا حين يقرأ جبريل ، ثم يفشون ذلك قبل أن يخبرهم الرسول ، فلا يكون بينهم وبين الأنبياء فرق ، ولا يكون للأنبياء دلالة ، ثم لا يقبل قولهم .

وروى أسباط ، عن السدي في قوله : { إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } إذا بعث إليه تعالى نبياً ، جعل معه حفظة من الملائكة . فإذا جاء الوحي من الله تعالى ، قالت الملائكة : هذا من الله . فإذا جاءه الشيطان ، قالت الحفظة : هذا من الشيطان .

{ لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رسالات رَبّهِمْ } يعني : ليعلم الجن أن الرسل قد أبلغوا الرسالة لأنهم تمازحوا من استراق السمع . وقال سعيد بن جبير : لم يجيء جبريل قط بالقرآن ، إلا ومعه أربعة من الحفظة . ثم قال عز وجل : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } يعني : الله تعالى عالم بما عند الأنبياء ؛ ويقال : عالم بهم . { وأحصى كُلَّ شَيء عَدَداً } يعني : عدد الملائكة ، وعلم نزول العذاب ووقته وغير ذلك ؛ والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .