قوله : { لِّيَعْلَمَ } . متعلق ب «يَسْلكُ » .
والعامة : على بنائه للفاعل ، وفيه خلاف . أي : ليعلم محمد صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة ، قاله مقاتل وقتادة .
قال القرطبيُّ{[58245]} : «وفيه حذف تتعلق به اللام ، أي : أخبرناه بحفظنا الوحي ، ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق » .
وقيل : ليعلم محمد أن قد أبلغ جبريل ومن معه إليه رسالة ربه .
قاله ابن جبير ، قال : ولم ينزل الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة - عليهم السلام - .
وقيل : ليعلم الرسول أن الرسل سواه بلغوا{[58246]} .
وقيل : ليعلم الله ، [ أي : ليظهر علمه للناس أنّ الملائكة بلغوا رسالات ربهم .
وقيل : ليعلم الرسول ، أي رسولٍ كان أنَّ الرسل سواه بلغوا ] .
وقيل : ليعلم إبليس أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه واستراق أصحابه .
وقال ابن قتيبة : أي : ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما أنزل إليهم ، ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع عليهم .
وقال مجاهد : ليعلم من كذب الرسل أن المرسلين ، قد بلغوا رسالات ربهم{[58247]} .
وقيل : ليعلم الملائكة . وهذان ضعيفان ، لإفراد الضمير .
والضمير في «أبْلغُوا » عائد على «من » في قوله : «من ارْتضَى » راعى لفظها أولاً ، فأفرد في قوله { مِن بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } ، ومعناها ثانياً ، فجمع في قوله «أبْلَغُوا » إلى آخره .
وقرأ ابن عباس{[58248]} ومجاهد وزيد بن علي وحميد ويعقوب ليعلم مبنياً للمفعول أي ليعلم الناس أن الرسل قد بلغوا رسالاته .
وقرأ ابن أبي عبلة{[58249]} والزهري : لِيُعلم «- بضم الياء وكسر اللام - أي : ليعلم الله رسوله بذلك .
وقرأ أبو حيوة{[58250]} : " رِسَالة " بالإفراد ، والمراد الجمع .
وقرأ ابن أبي عبلة{[58251]} : " وأحيط ، وأحصي " مبنيين للمفعول ، " كل " رفع ب " أحصي " . قوله : " عَدَدا " ، يجوز أن يكون تمييزاً منقولاً من المفعول به ، والأصل : أحصى عدد كل شيء ، كقوله تعالى : { وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً } [ القمر : 12 ] ، أي : عيون الأرض على خلاف سبق .
ويجوز أن يكون منصوباً على المصدر من المعنى ، لأن " أحْصَى " بمعنى " عَد " ، فكأنه قيل : وعد كل شيء عدداً .
أو يكون التقدير : وأحصى كلَّ شيء إحصاء ، فيرد المصدر إلى الفعل ، أو الفعل إلى المصدر .
ومنع مكي كونه مصدراً للإظهار ، فقال : " عَدَداً " نصب على البيان ، ولو كان مصدراً لأدغم .
يعني : أن قياسه أن يكون على " فَعْل " بسكون العين ؛ لكنه غير لازم ، فجاء مصدره بفتح العين .
ولما كان «لِيعْلمَ » مضمناً معنى «قَد عَلِمَ ذلِكَ » جاز عطف «وأحَاطَ » على ذلك المقدر .
قال القرطبي{[58252]} : «عَدَداً » ، نصب على الحال ، أي : أحصى كل شيء .
فصل في معنى الإحاطة في الآية .
المعنى : أحاط علمه بما عند الرسل ، وما عند الملائكة .
وقال ابن جبيرٍ : المعنى ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط بما لديهم ، فيبلغوا رسالاته { وأحصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً } أي : علم كل شيء وعرفه فلم يخف عليه منه شيء ، وهذه الآية تدل على أنه تعالى عالم بالجزئيات ، وبجميع الموجودات .
روى الثعلبي عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورَةَ الجِنِّ أُعْطِيَ بعَددٍ كُلِّ جنِّي وشيْطانٍ صدَّق بمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وكذَّب بِهِ عِتْقُ رَقبةٍ »{[1]} . والله تعالى أعلم بالصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.