أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

شرح الكلمات :

{ والذي جاء بالصدق وصدَّق به } : محمد صلى الله عليه وسلم ، والذي صدق به أبو بكر وكل أصحاب رسول الله .

{ أولئك هم المتقون } : أي لعذاب الله بإِيمانهم وتقواهم بترك الشرك والمعاصي .

المعنى :

قوله تعالى : { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون } هذا إخبار بفريق الفائزين من عباد الله وهم الصادقون في كل يخبرون به ، والمصدقون بما أوجب الله تعالى التصديق به ويدخل في هذا الفريق دخولا أولياً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق ثم سائر الصحابة والمؤمنين إلى يوم الدين .

وقوله تعالى : { أولئك هم المتقون } يشير إليهم بأنهم اتقوا كل ما يغضب الله من الشرك والمعاصي ، وبذلك استوجبوا النجاة من النار ودخول الجنة المعبر عنه بقوله تعالى : { لهم ما يشاءون عند ربهم } .

الهداية :

من الهداية :

1- الترغيب في الصِّدق في الاعتقادات والأقوال والأعمال .

2- فضل التقوى والإِحسان وبيان جزائهما عند الله تعالى يوم القيامة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

قوله تعالى : " والذي جاء بالصدق " في موضع رفع بالابتداء وخبره " أولئك هم المتقون " واختلف في الذي جاء بالصدق وصدق به ، فقال علي رضي الله عنه : " الذي جاء بالصدق " النبي صلى الله عليه وسلم " وصدق به " أبو بكر رضي الله عنه . وقال مجاهد : النبي عليه السلام وعلي رضي الله عنه . السدي : الذي جاء بالصدق جبريل والذي صدق به محمد صلى الله عليه وسلم . وقال ابن زيد ومقاتل وقتادة : " الذي جاء بالصدق " النبي صلى الله عليه وسلم : " وصدق به " المؤمنون . واستدلوا على ذلك بقوله : " أولئك هم المتقون " كما قال : " هدى للمتقين " [ البقرة : 2 ] . وقال النخعي ومجاهد : " الذي جاء بالصدق وصدق به " المؤمنون الذين يجيؤون بالقرآن يوم القيامة فيقولون : هذا الذي أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه ، فيكون " الذي " على هذا بمعنى جمع كما تكون من بمعنى جمع . وقيل : بل حذفت منه النون لطول الاسم ، وتأول الشعبي على أنه واحد . وقال : " الذي جاء بالصدق " محمد صلى الله عليه وسلم فيكون على هذا خبره جماعة ، كما يقال لمن يعظم هو فعلوا ، وزيد فعلوا كذا وكذا . وقيل : إن ذلك عام في كل من دعا إلى توحيد الله عز وجل ؛ قاله ابن عباس وغيره ، واختاره الطبري . وفي قراءة ابن مسعود " والذي جاؤوا بالصدق وصدقوا به " وهي قراءة على التفسير . وفي قراءة أبي صالح الكوفي " والذي جاء بالصدق وصدق به " مخففا على معنى وصدق بمجيئه به ، أي صدق في طاعة الله عز وجل ، وقد مضى في " البقرة " {[13309]} الكلام في " الذي " وأنه يكون واحدا ويكون جمعا .


[13309]:راجع ج 1 ص 212 طبعة ثانية أو ثالثة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

{ والذي جاء بالصدق وصدق به } قيل : الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وسلم والذي صدق به أبو بكر وقيل : الذي جاء بالصدق جبريل والذي صدق به محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : الذي جاء بالصدق الأنبياء والذي صدق به المؤمنون واختار ابن عطية أن يكون على العموم وجعل الذي للجنس كأنه قال الفريق الذي لأنه في مقابلة من كذب على الله وكذب بالصدق والمراد به العموم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

ولما ذكر سبحانه الظالمين بالكذب ذكر أضدادهم الذين يخاصمونهم عند ربهم وهم المحسنون بالصدق فقال : { والذي } أي الفريق الذي { جاء بالصدق } أي الخبر المطابق للواقع ، فصدق على الله ، وتعريفه يدل على كماله ، فيشير إلى أن الإتيان به ديدنه لا يتعمد كذباً { وصدق به } أي بكل صدق سمعه وقام عليه الدليل ، وليس هو بجموده عدو ما لم يعلم ، فهو يكذب بكل ما لم يسمع ، فمن أعدل منه لكونه صدق على الله وصدق بالصدق إذ جاءه واستمر عليه ، ولعله أفرد الضمير إشارة إلى قلة الموصوف بهذا الوصف من الصدق ، وهذا الفريق هو الرسل وأتباعهم ، ولذلك حصر التقوى فيهم ، فقال مشيراً بالجمع إلى عظمتهم وإن كانوا قليلاً : { أولئك } أي العالو الترتبة { هم } أي خاصة { المتقون * } الذين جانبوا الظلم ، فليس لجهنم عليهم سبيل ، ولا لهم فيها منزل ولا مقيل ، بل الجنة منزلهم ، أليس في الجنة منزل للمتقين ؟ فالآية من الاحتباك : ذكر أولاً المثوى في جهنم دليلاً على حذف ضده ثانياً ، والاتقاء ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً ، وسره أنه ذكر أنكأ ما للمجرم من الكفر وسوء الجزاء . وأسرّ ما للمسلم من قصر التقوى عليه ، وذكر أحب جزائه إليه ، والإشارة إلى عراقته في الإحسان ، وفي الآيات احتباك آخر وهو أنه ذكر الكذب والتكذيب أولاً دليلاً على الصدق والتصديق ثانياً ، والاتقاء وجزاءه وما يتبعه ثانياً دليلاً على ضده أولاً ، وسره أنه ذكر في شق المسيء أنكأ ما يكون من الكذب والتكذيب في أقبح مواضعه ، ولا سيما عند العرب ، وأسر ما يكون في شق المحسن من استقامة الطبع وحسن الجزاء .