أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا} (6)

شرح الكلمات :

{ يعوذون } : أي يستعيذون .

{ فزادوهم رهقا } : أي إثما وطغيانا .

المعنى :

وقالوا { وأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا } يخبرون بخبر عجيب وهو أنه كان رجال من الناس من العرب وغيرهم إذا نزلوا منزلا مخوفا في واد وشعب يستعيذون برجال من الجن كأن يقول الرجل أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فزاد الإِنس الجن بهذا اللجأ إليهم والاحتماء بهم رهقا أي إثما وطغيانا . إذ ما كانوا يطمعون أن الإِنس تعظمهم هذا التعظيم حتى تستجير بهم .

الهداية :

من الهداية :

- حرمة الاستعانة بالجن والاستعاذة بهم لأن ذلك كالعبادة لهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا} (6)

وقيل : انقطع الإخبار عن الجن ها هنا فقال الله تعالى : " وأنه كان رجال من الأنس " فمن فتح وجعله من قول الجن ردها إلى قوله : " أنه استمع " [ الجن : 1 ] ، ومن كسر جعلها مبتدأ من قول الله تعالى . والمراد به ما كانوا يفعلونه من قول الرجل إذا نزل بواد : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ، فيبيت في جواره حتى يصبح ، قال الحسن وابن زيد وغيرهما . قال مقاتل : كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ، ثم من بني حنيفة ، ثم فشا ذلك في العرب ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم . وقال كردم بن أبي السائب : خرجت مع أبي إلى المدينة أول ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فآوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف الليل جاء الذئب فحمل حملا من الغنم ، فقال الراعي : يا عامر الوادي ، [ أنا ]{[15446]} جارك . فنادى مناد يا سرحان أرسله ، فأتى الحمل يشتد{[15447]} . وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : " وأنه كان رجال من الإنس . يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " أي زاد الجن الإنس " رهقا " أي خطيئة وإثما ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة . والرهق : الإثم في كلام العرب وغشيان المحارم ؛ ورجل رهق إذا كان كذلك ؛ ومنه قوله تعالى : " وترهقهم ذلة " [ يونس : 27 ] وقال الأعشى :

لا شيء ينفعني من دون رؤيتها*** هل يَشْتَفِي وَامِقٌ{[15448]} ما لم يُصِبْ رَهَقًا

يعني إثما . وأضيفت الزيادة إلى الجن إذ كانوا سببا لها . وقال مجاهد أيضا : " فزادوهم " أي إن الإنس زادوا الجن طغيانا بهذا التعوذ ، حتى قالت الجن : سدنا الإنس والجن . وقال قتادة أيضا وأبو العالية والربيع وابن زيد : ازداد الإنس بهذا فرقا وخوفا من الجن . وقال سعيد بن جبير : كفرا . ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك . وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن ، فالمعنى : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس ، وكان الرجل من الإنس يقول مثلا : أعوذ بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي . قال القشيري : وفي هذا تحكم إذ لا يبعد إطلاق لفظ الرجال على الجن .


[15446]:الزيادة من الدر المنثور للسيوطي.
[15447]:يشتد: يعدو.
[15448]:في أ، ح وفتح القدير الشوكاني: "عاشق".
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا} (6)

{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } تفسير هذا ما روي : أن العرب كانوا إذا حل أحد منهم بواد صاح بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي أني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك ويعتقد أن ذلك الجن الذي بالوادي يحميه .

{ فزادوهم رهقا } ضمير الفاعل للجن وضمير المفعول للإنس والمعنى : أن الجن زادوا الإنس ضلالا وإثما لما عاذوا بهم أو زادوهم تخويفا لما رأوا ضعف عقولهم ، وقيل : ضمير الفاعل للإنس وضمير المفعول للجن والمعنى أن الإنس زادوا الجن تكبرا وطغيانا لما عاذوا بهم حتى كان الجن يقول أنا سيد الجن والإنس .