الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا} (6)

وقوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجن } الآية ، منَ القُرَّاءِ مَنْ كَسَرَ الهمزةَ مِنْ ( إنَّهُ ) ، ومنهمْ من فَتَحَها ، والكسْرُ أوْجَهُ ، والمعنى في الآيةِ : ما كَانَتِ العربُ تفعله في أسْفَارِها من أنَّ الرَّجُلَ إذا أرادَ المَبِيتَ بِوَادٍ ، صاحَ بأعلى صوتِه : يا عزيزَ هذا الوَادِي ؛ إني أعوذُ بكَ مِنَ السُّفَهَاءِ الذين في طاعتِكَ ، ويعتقدُ بذلكَ أنَّ الجِنِّيَّ يحميه ويمنعَه ، قال قتادة : فكانت الجنُّ تحتقرُ بني آدمَ وتَزْدَرِيهم لِمَا تَرَى مِنْ جَهلِهِم ، فكانوا يَزِيدُونَهمْ مخافةً ، ويتعرضُون للتَّخَيُّلِ لهم ، ويُغْوُونَهم ، في إرادَتِهم ، فهذا هو الرَّهَقُ الذي زادته الجنُّ بني آدم ، وقال مجاهد وغيره : بنو آدمَ همُ الذينَ زَادُوا الجنّ رَهَقاً وهي الجَرَاءَةُ والطُّغْيان وقَدْ فَسَّر قوم الرَّهَقَ بالإثْم .