{ وأنه كان رجال } في الجاهلية { من الإنس يعوذون } أي يستعيذون { برجال من الجن } حين ينزلون في سفرهم بمخوف ، قال الحسن وابن زيد وغيرهما : كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ، فيبيت في جواره حتى يصبح ، فنزلت هذه الآية ، قال مقاتل : كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ثم من بني حنيفة ثم فشا ذلك في العرب ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم .
وعن عكرمة بن أبي السائب الأنصاري " قال خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فآوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي فقال يا عامر الوادي أنا جارك ، فنادى مناد يا سرحان أرسله فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم ، وأنزل الله على رسوله بمكة { وأنه كان رجال } الآية وذكر ابن الجوزي في تفسيره بغير سند ( {[1641]} ) .
{ فزادوهم } أي زاد رجال الجن من يعوذ بهم من رجال الإنس ، أو زاد المستعيذون من رجال الإنس من استعاذوا بهم من رجال الجن { رهقا } لأن المستعاذ بهم كانوا يقولون سدنا الجن والإنس ، وبالأول قال مجاهد وقتادة وبالثاني قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد .
والرهق في كلام العرب الإثم وغشيان المحارم ، ورجل رهق إذا كان كذلك ، ومنه قوله { ترهقهم ذلة } أي تغشاهم وقيل الرهق الخوف أي أن الجن زادت الإنس بهذا التعوذ بهم خوفا منهم ، وقيل كان الرجل من الإنس يقول أعوذ بفلان من سادات العرب من جن هذا الوادي .
ويؤيد هذا ما قيل من أن لفظ رجال لا يطلق على الجن فيكون قوله برجال وصفا لمن يستعيذون به من رجال الإنس أي يعوذون بهم من شر الجن ، وهذا فيه بعد ، وإطلاق لفظ رجال على الجن على تسليم عدم صحته لغة لا مانع من إطلاقه عليهم هنا من باب المشاكلة ، قال ابن عباس : كان القوم في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه ، فلا يكون شيء أشد ولعا منهم بهم ، فذلك قوله : { فزادهم رهقا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.