أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

شرح الكلمات :

{ في كبد } : أي في نصب وشدة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة .

المعنى :

{ لقد خلقنا الإِنسان في كبد } أي في نصب وتعب لا يفارقانه منذ تخلقه في بطن أمه إلى وفاته بانقضاء عمره ثم يكابد شدائد الآخرة ثم إما إلى نعيم لا نصب معه ولا تعب ، وإما إلى جحيم لا يفارقه ما هو أشد من النصب والتعب عذاب الجحيم هكذا شاء الله وهو العليم الحكيم . وفي هذا الخبر الإِلهي المؤكد بأجل قسم على أن الإِنسان محاط منذ نشأته إلى نهاية أمره بالنصب والتعب ترويح على نفوس المؤمنين بمكة وهم يعانون من الحاجة والاضطهاد والتعذيب أحيانا من طغاة قريش لا سيما المستضعفين كياسر وولده عمار وبلال وصهيب وخبيب ، وحتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهو لم يسلم من أذى المشركين فإِذا عرفوا طبيعة الحياة وأن السعادة فيها أن يعلم المرء أن لا سعادة بها هان عليهم الأمر وقل قلقهم وخفت آلامهم . كما هو تنبيه للطغاة وإعلام لهم بما هم عنه غافلون لعلهم يصحون من سكرتهم بحب الدنيا وما فيها .

الهداية :

- اعلان حقيقة وهي أن الإِنسان لا يبرح يعاني من أتعاب الحياة حتى الممات ثم يستقبل شدائد الآخرة إلى أن يقر قراره وينتهي تطوافه باستقراره في الجنة حيث يستريح نهائيا ، أو في النار فيعذب ويتعب أبدا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

والمقسم عليه قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ } يحتمل أن المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا ، وفي البرزخ ، ويوم يقوم الأشهاد ، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد ، ويوجب له الفرح والسرور الدائم .

وإن لم يفعل ، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد .

ويحتمل أن المعنى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، وأقوم خلقة ، مقدر{[1429]}  على التصرف والأعمال الشديدة ، ومع ذلك ، [ فإنه ] لم يشكر الله على هذه النعمة [ العظيمة ] ، بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه ، فحسب بجهله وظلمه أن هذه الحال ستدوم له ، وأن سلطان تصرفه لا ينعزل ، ولهذا قال تعالى : { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ }


[1429]:- في ب: يقدر.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ لقد خلقنا الإنسان في كبد } روى الوالبي عن ابن عباس : في نصب . قال الحسن : يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة . وقال قتادة : في مشقة فلا تلقاه إلا يكابد أمر الدنيا . وقال سعيد بن جبير : في شدة . وقال عطاء عن ابن عباس : في شدة خلق حمله وولادته ورضاعه ، وفطامه وفصاله ومعاشه وحياته وموته . وقال عمرو بن دينار : عند نبات أسنانه . قال يمان : لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم ، وهو مع ذلك أضعف الخلق . وأصل الكبد : الشدة . وقال مجاهد ، وعكرمة ، وعطية ، والضحاك : يعني منتصباً معتدل القامة ، وكل شيء خلق فإنه يمشي مكباً ، وهي رواية مقسم عن ابن عباس ، وأصل الكبد : الاستواء والاستقامة . وقال ابن كيسان : منتصباً رأسه في بطن أمه فإذا أذن الله في خروجه انقلب رأسه إلى رجلي أمه . وقال مقاتل : في كبد أي في قوة . نزلت في أبي الأشد ، واسمه أسيد بن كلدة الجمحي ، وكان شديداً قوياً يضع الأديم العكاظي تحت قدميه فيقول : من أزالني عنه فله كذا وكذا ، فلا يطاق أن ينزع من تحت قدميه إلا قطعاً ويبقى موضع قدميه .