محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ لقد خلقنا الإنسان في كبد } أي في شدة يكابد الأمور ويعالجها في أطواره كلها من حمله إلى أن يستقر به القرار إما في الجنة وإما في النار .

قال الزمخشري ( الكبد ) أصله من قولك ( كبد الرجل كبدا ) فهو أكبد إذا وجعت كبده وانتفخت فاتسع فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقة ، ومنه اشتقت المكابدة كما قيل ( كبته ) بمعنى أهلكه وأصله كبده إذا أصاب كبده قال لبيد {[7473]}

يا عين هلا بكيت أربد إذ *** قمنا وقام الخصوم في كبد

أي في شدة الأمر وصعوبة الخطب انتهى .

وفيه تسلية للنبي صلوات الله عليه مما كان يكابده من قريش من جهة أن الإنسان لم يخلق للراحة في الدنيا وأن كل من كان أعظم فهو أشد نصبا هذا خلاصة ما قالوه .

وقال القاشاني { في كبد } أي مكابدة ومشقة من نفسه وهواه أو مرض باطن وفساد قلب وغلظ هذه القوة فاستعير غلظ الكبد لغلظ حجاب القلب ومرض الجهل .


[7473]:من كلمة قالها يرثى بها أربد أخاه لأمه وأولها: ما إن تعزى المنون من أحد لا والد مشفق ولا ولد انظر (رغبة الآمل) ج 8 ص 167.