الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } أي نصّب . عن الوالبي عن ابن عبّاس الحسن : يكابد مصايب الدنيا وشدائد الآخرة . قتادة : في مشقّة فلا يلقاه إلاّ يكابد أمر الدنيا والآخرة . سعيد بن جبير : في شدّة ، وعن الحسن أيضاً : يكابد الشكر على السراء ، والصبر على الضرّاء فلا يخلو منهما . عطية عن ابن عبّاس : في شدّة خلق حمله وولادته ورضاعه وفصاله ومعاشه وحياته وموته . عمرو بن دينار عنه : نبات أسنانه . يمان : لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم وهو مع ذلك أضعف الخلق ، وعن سعيد بن جبير أيضاً في ضيق معيشته . ابن كيسان : المكابدة مقاساة الأمر وركوب معظمه ، وأصله الشدّة وهو من الكبد . قال لبيد :

عين هلا بكيت اربد *** إذ قمنا وقام الخصوم في كبد

وقال مجاهد وإبراهيم وعكرمة وعبد الله بن شدّاد وعطية والضحّاك : يعني منتصباً قائماً معتدل القامة ، وهي رواية مقسم عن ابن عبّاس قال : خلق كلّ شيء يمشي على الأرض على أربعة إلاّ الإنسان ، فإنّه خُلق منتصباً قائماً على رجلين .

مقاتل : في قوّة نزلت في ابن الاسدين واسمه أسيد بن كلده بن أسيد بن خلف ، وكان شديداً قويّاً يضع الادم العكاظي تحت قدميه ، فيقول : من أزالني عنه فله كذا وكذا ، فلا يطاق أن تنزع من تحت قدميه إلاّ قطعاً ويبقى موضع قدمه ، ويقال : هو شدّة الأمر والنهي والثواب والعقاب ، وقال ابن زيد : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ } يعني آدم في كبد أي وسط السماء وذلك حين رفع إلى الجنّة . أبو بكر الوراق : يعني لا يدرك هواه ولا يبلغ مناه . خصيف في معناه ومقاساة وانتقال أحوال نطفة ثمّ علقة إلى آخر تمام الخلق . ابن كيسان : منتصباً رأسه فإذا أذن الله سبحانه في إخراجه انقلب رأسه إلى رجلي أُمّه ، وقيل : جريء القلب غليظ الكبد مع ضعف خلقته ومهانة مادّته . جعفر : أي في بلاء ومحنة . ابن عطاء : في ظلمة وجهل .

محمد بن علي الترمذي : مضيّعاً لما يعنيه مشتغلاً بما لا يعنيه .