أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۚ وَمَا كُنَّا مُهۡلِكِي ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَٰلِمُونَ} (59)

شرح الكلمات :

{ يبعث في أمها رسولاً } : أي في أعظم مدنها . وهي العاصمة .

{ إلا وأهلها ظالمون } : بالتكذيب للرسول والإِصرار على الشرك والمعاصي .

المعنى :

وقوله : { وما كان ربك } يا أيها الرسول { مهلك القرى } أي أهل المدن والحواضر { حيث يبعث في أمها رسولاً } كما بعثك في أم القرى مكة { يتلو عليهم آياتنا } أي لم يكن من سنة الله تعالى هذا بل لا يهلك أمة حتى يبعث في أم بلادها رسولاً يتلو عليهم آيات الله المبينة للحق من الباطل والخير من الشر وجزاء ذلك قوله تعالى : { وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } أي ولم يكن من سنة الله تعالى في عبادة أن يهلك القرى إلا بعد ظلم أهلها .

فللإِهلاك شرطان :

الأول : أن يبعث الرسول يتلو آياته فيكذب ويكفر به وبما جاء به .

والثاني : أن يظلم أهل القرى ويعتدوا وذلك بإظهار الباطل والمنكر وإشاعة الشر والفساد في البلاد وهذا من عدل الله تعالى ورحمته بعباده إنه لأرحم بهم من أنفسهم ، وكيف ومن أسمائه وصفاته الرحمن الرحيم .

الهداية :

- من رحمة الله وعدله أن لا يهلك أمة من الأمم إلا إذا توفر لهلاكها شرطان :

- أن يبعث فيهم رسولاً يتلو عليهم آيات الله تحمل الهدى والنور .

- أن يظلم أهلها بالتكذيب للرسول والكفر بما جاء به والاصرار على الكفر والعاصي .

- التاريخ يعيد نفسه كما يقولون فما اعتذر به المشركون عن قبول الإِسلام بحجة تألب العرب عليهم وتعطيل تجارتهم يعتذر به اليوم كثير من المسئولين فعطلوا الحدود وجاروا الغرب في فصل الدين عن الدولة وأباحوا كبائر الاثم كالربا وشرب الخمور وترك الصلاة حتى لا يقال عنهم أنهم رجعيون متزمتون فيمنعوهم المعونات ويحاصرونهم اقتصادياً .