السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۚ وَمَا كُنَّا مُهۡلِكِي ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَٰلِمُونَ} (59)

{ وما كان ربك } أي : المحسن إليك بالإحسان بإرسالك إلى الناس { مهلك القرى } أي : هذا الجنس كله بجرم وإن عظم { حتى يبعث في أمّها } أي : أعظمها وأشرفها { رسولاً } لأنّ غيرها تبع لها ولم يشترط كونه من أمها فقد كان عيسى عليه السلام من الناصرة وبعث إلى بيت المقدس { يتلوا عليهم } أي : أهل القرى كلهم { آياتنا } الدالة على ما ينبغي لنا من الحكمة وبما لها من الإعجاز على نفوذ الكلمة وباهر العظمة إلزاماً للحجة وقطعاً للمعذرة لئلا يقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً ، ولذلك لما أردنا عموم الخلق بالرسالة جعلنا الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء من أم القرى كلها وهي مكة البلد الحرام { وما كنا مهلكي القرى } أي : كلها بعد الإرسال { إلا وأهلها ظالمون } أي : عريقون في الظلم بالعصيان بترك ثمرات الإيمان وتكذيب الرسل .