فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۚ وَمَا كُنَّا مُهۡلِكِي ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَٰلِمُونَ} (59)

{ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا } ما يعذب الرحمن الرحيم قوما بفجورهم إلا بعد حلم منه عليهم وإعذار إليهم ) . . وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا( {[3080]} ) . . لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . . ( {[3081]} ، ويبعث المرسلون في أم مدنهم وعاصمتها وكبراها ، يتلون ما أوحى إليهم من ربهم ، ويبينون للناس الآيات والعلامات الدالة على صدقهم ، { وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون }- أي لم أهلكهم إلا وقد استحقوا الإهلاك لإصرارهم على الكفر بعد الإعذار إليهم ، وفي هذا بيان لعدله وتقديسه عن الظلم ، أخبر تعالى أنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم ، ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثه الرسل ، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم ، ونزه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين ، كما قال عز من قائل : )وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون( {[3082]} فنص في قوله : )بظلم )على أنه لو أهلكهم وهم مصلحون لكان ذلك ظلما لهم منه وأن حاله في غناه وحكمته منافية للظلم ، دل ذلك بحرف النفي مع لامه كما قال تعالى : )وما كان الله ليضيع إيمانكم . . ( {[3083]}-{[3084]}


[3080]:سورة الإسراء. من الآية 15.
[3081]:سورة النساء. من الآية 165.
[3082]:سورة هود. الآية 117.
[3083]:سورة البقرة. الآية 143.
[3084]:ما بين العارضتين مقتبس من الجامع لأحكام القرآن.