اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۚ وَمَا كُنَّا مُهۡلِكِي ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَٰلِمُونَ} (59)

قوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ } يعني القرى الكافرة أهلها حتى نبعث في أمِّها رسولاً ، أي في أكثرها وأعظمها رسولاً ينذرهم وخصّ الأعظم ببعثة الرسول فيها لأن الرسول يبعث إلى الأشراف ، والأشراف يسكنون المدائن والمواضع التي هي أم ما حولها{[40616]} ، وهذا بيان لقطع عذرهم ، لأن عدم البعثة يجري مجرى العذر للقوم ، فوجب ألا يجوز إهلاكهم إلا بعد البعثة .

وقوله : { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } أي : يؤدّي ويبلِّغ ، قال مقاتل : يخبرهم الرسول أنَّ العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا{[40617]} ، { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } : مشركون أي : أهلكهم بظلمهم ، وأهل مكة ليسوا كذلك ، فإن بعضهم قد آمن وبعضهم قد علم الله منهم أنَّهم وإن لم يؤمنوا لكنه يخرج من نسلهم من يؤمن{[40618]} .


[40616]:انظر البغوي 6/355.
[40617]:المرجع السابق.
[40618]:انظر الفخر الرازي 25/6.