التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ} (8)

{ ومن الناس } أصل الناس أناس لأنه مشتق من الإنس وهو اسم جمع وحذفت الهمزة مع لام التعريف تخفيفا .

{ من يقول } إن كان اللام في الناس للجنس فمن موصوفة وإن جعلتها للعهد فمن موصولة وأفرد الضمير في يقول رعيا للفظ ومن .

{ وما هم بمؤمنين } هم المنافقين وكانوا جماعة من الأوس والخزرج على رأسهم عبد الله بن أبي ابن سلول يظهرون الإسلام ويسرون الكفر ، ويسمى الآن من [ هو ] كذلك : زنديقا ، وهم في الآخرة مخلدون في النار ، وأما في الدنيا إن لم تقم عليهم بينة فحكمهم كالمسلمين في دمائهم وأموالهم وإن شهد على معتقدهم شاهدان عدلان ، فمذهب مالك . القتل ، دون الاستتابة ، ومذهب الشافعي الاستتابة وترك القتل ، فإن قيل : كيف جاء قولهم :{ آمنا } جملة فعلية { وما هم بمؤمنين } جملة اسمية فهلا طابقتها ؟ فالجواب : أن قوله :{ وما هم بمؤمنين } أبلغ وآكد في نفي الإيمان عنهم من لو قال : ما آمنوا ، فإن قيل : لم جاء قولهم آمنا مقيدا بالله واليوم الآخر ، وما هم بمؤمنين مطلقا ؟ فالجواب : أنه يحتمل وجهين : التقييد ؛ فتركه لدلالة الأول عليه ، والإطلاق ، وهو أعم في سلبهم من الإيمان .