الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ} (8)

ثم نزلت في المنافقين : عبد الله بن أُبي بن سلول الخزرجي ، ومعتب بن بشر ، وجدّ بن قيس وأصحابهم حين قالوا : تعالوا إلى خلة نسلم بها من محمد وأصحابه ونكون مع ذلك مستمسكين بديننا ، فأجمعوا على أن يقرّوا كلمة الإيمان بألسنتهم واعتقدوا خلافها وأكثرهم من اليهود . فقال الله :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا } : صدّقنا بالله { وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ } : أي يوم القيامة .

قال الله تعالى : { وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } والناس : هم جماعة من الحيوان المتميّز بالصورة الإنسانية ، وهو جمع إنسان ، وإنسان في الأصل إنسيان بالياء ، فأسقطوا الياء منه ونقلوا حركته إلى السين فصار إنساناً ؛ الا ترى إنّك إذا صغرته رددت الياء إليه فقلت : أنيسيان ، واختلف العلماء في تسميته بهذا الاسم : فقال ابن عباس : سمي إنساناً لأنه عُهِدَ إليه فنسي . قال الله تعالى { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } [ طه : 115 ] ، وقال الشاعر :

وسُمّيتَ إنساناً لأنك ناسي ***

وقال بعض أهل المعاني : سُمّي إنساناً لظهوره وقدس البصير أياه من قولك : آنست كذا : أي أبصرت . فقال الله تعالى { آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً } [ القصص : 29 ] وقيل : لأنه استانس به ، وقيل : لما خلق الله آدم آنسه بزوجته فسمّي إنساناً .