وقوله [ تعالى ]{[17440]} { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا } أي : وإذا سألك أقاربك ومن أمرنا بإعطائهم وليس عندك شيء ، وأعرضت عنهم لفقد النفقة { فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا } أي : عدهم وعدًا بسهولة ، ولين إذا جاء رزق الله فسنصلكم إن شاء الله ، هكذا فسر قوله { فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا } بالوعد : مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة وغير واحد .
عطف على قوله : { وآت ذا القربى والمسكين } [ الإسراء : 26 ] لأنه من تمامه .
والخطاب لغير معين ليعم كل مخاطب . والمقصود بالخطاب النبي لأنه على وزان نظم قوله : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } [ الإسراء : 23 ] فإن المواجهة ب ربك } في القرآن جاءت غالباً لخطاب النبي صلى الله عليه وسلم ويعدله ما روي أن النبي كان إذا سأله أحد مالاً ولم يكن عنده ما يعطيه يعرض عنه حياء فنبهه الله إلى أدب أكمل من الذي تعهده من قبل ويحصل من ذلك تعليم لسائر الأمة .
وضمير { عنهم } عائد إلى ذي القُربى والمسكين وابن السبيل .
والإعراض : أصله ضد الإقبال مشتق من العُرض بضم العين أي الجانب ، فأعرض بمعنى أعطى جانبه { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه } [ الإسراء : 83 ] ، وهو هنا مجاز في عدم الإيتاء أو كناية عنه لأن الإمساك يلازمه الإعراض ، أي إن سألك أحدهم عطاءً فلم تجبه إليه أو إن لم تفتقدهم بالعطاء المعروف فتباعدتَ عن لقائهم حياءً منهم أن تلاقيهم بيد فارغة فقل لهم قولاً ميسوراً .
والميسور : مفعول من اليُسر ، وهو السهولة ، وفعله مبني للمجهول . يقال : يُسِر الأمرُ بضم الياء وكسر السين كما يقال : سُعِد الرجل ونُحِس ، والمعنى : جُعِل يسيراً غير عسير ، وكذلك يقال : عُسِر . والقول الميسور : اللين الحسن المقبول عندهم ؛ شبه المقبول بالميسور في قبول النفس إياه لأن غير المقبول عسير . أمر الله بإرفاق عدم الإعطاء لعدم الموجدة بقول لين حسن بالاعتذار والوعد عند الموجدة ، لئلا يُحمل الإعراض على قلة الاكتراث والشح .
وقد شرط الإعراض بشرطين : أن يكون إعراضاً لابتغاء رزق من الله ، أي إعراضاً لعدم الجدة لا اعتراضاً لبخل عنهم ، وأن يكون معه قول لين في الاعتذار . وعلم من قوله : ابتغاء رحمة من ربك } أنه اعتذار صادق وليس تعللاً كما قال بشار :
وللبخيل على أمواله علل *** رزق العيون عليها أوجه سود
فقوله : { ابتغاء رحمة من ربك } حال من ضمير { تعرضن } مصدر بالوصف ، أي مبتغياً رحمة من ربك . و { ترجوها } صفة ل { رحمة } . والرحمة هنا هي الرزق الذي يتأتى منه العطاء بقرينة السياق . وفيه إشارة إلى أن الرزق سبب للرحمة لأنه إذا أعطاه مستحقه أثيب عليه ، وهذا إدماج .
وفي ضمن هذا الشرط تأديب للمؤمن إن كان فاقداً ما يبلغ به إلى فعل الخير أن يرجوَ من الله تيسير أسبابه ، وأن لا يحمله الشح على السرور بفقد الرزق للراحة من البذل بحيث لا يَعدِم البذلَ الآن إلا وهو راج أن يسهل له في المستقبل حرصاً على فضيلته ، وأنه لا ينبغي أن يعرض عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل إلا في حال رجاء حصول نعمة فإن حصلت أعطاهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.