غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا} (28)

22

ثم علم أدباً حسناً في رد السائل إن أفضى الأمر إلى ذلك ضرورة فقال : { وإما تعرضن عنهم } وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئاً وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء . والقول الميسور الرد بالطريق الأحسن . وقيل : اللين السهل . قال الكسائي : يسرت أيسر له القول أي لينته . وقيل : القول المعروف كقوله :

{ قول معروف ومغفرة خير } [ البقرة : 263 ] وذلك أن القول المتعارف لا يحتاج إلى تكلف . وقيل : ادع لهم بأن يسهل الله عليهم أسباب الرزق أي دعاء فيه يسرة .

قال جار الله قوله : { ابتغاء رحمة } أما أن يتعلق بجواب الشرط متقدماً عليه أي فقل لهم قولاً سهلاً ليناً وعدهم وعداً جميلاً ابتغاء رحمة من الله { ترجوها } بسبب رحمتك عليهم ، وإما أن يتعلق بالشرط أي وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجوا أن يفتح لك فردهم رداً جميلاً ، فسمى الرزق رحمة وضع الابتغاء موضع الفقد لأن فاقد الرزق مبتغ له . فالفقد سبب الابتغاء فأطلق المسبب على السبب وجوز أن يكون الإعراض كناية عن عدم الإعطاء ، فإن من أبى أن يعطى أعرض بوجهه ، ولما ذكر أدب المنع ونهى عن التبذير صرح بأدب الإنفاق فقال : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } .

/خ40