نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا} (28)

ولما أمر بما هو الأولى في حالة الوجدان ، أمر بمثل ذلك حالة العدم ، فقال مؤكداً تنبيهاً على أنه ينبغي أن يكون الإعراض عنهم في حيز الاستبعاد والاستنكار : { وإما تعرضن عنهم } أي عن جميع من تقدم ممن أمرت بالبذل له ، لأمر اضطرك إلى ذلك لا بد لك منه ، لكونك لا تجد ما تعطيه ، فأعرضت حياء لا لإرادة المنع ، بل { ابتغاء } أي طلب { رحمة } أي إكرام وسعة { من ربك } الكثير الإحسان { ترجوها } فإذا أتتك واسيتهم فيها { فقل لهم } في حالة الإعراض { قولاً ميسوراً * } أي ذا يسر يشرح صدورهم ، ويبسط رجاءهم ، لأن ذلك أقرب إلى طريق المتقين المحسنين الذين أنا معهم ؛ قال أبو حيان : وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي وسئل قال : يرزقنا الله وإياكم من فضله - انتهى .

وقد وضع هنا الابتغاء موضع الفقر لأنه سببه ، فوضع المسبب موضع السبب .