قيل : " نزلت في ناس من مزينة استحملوا الرسول فقال : «لا أجد ما أحملكم عليه » .
فبكوا " وقيل في بلال وصهيب وسالم وخباب : سألوه ما لا يجد فأعرض عنهم .
وروي أنه عليه السلام كان بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي وسئل قال : " يرزقنا الله وإياكم من فضله " فالرحمة على هذا الرزق المنتظر وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة .
وقال ابن زيد : الرحمة الأجر والثواب وإنما نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبى أن يعطيهم لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد ، فكان يعرض عنهم وعنه في الأجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم ، فأمره الله تعالى أن يقول لهم : { قولاً ميسوراً } يتضمن الدعاء في الفتح لهم والإصلاح انتهى من كلام ابن عطية .
وقال الزمخشري : وإن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الرد { فقل لهم قولاً ميسوراً } ولا تتركهم غير مجابين إذا سألوك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئاً وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء ، ويجوز أن يكون معنى { وإما تعرضنّ عنهم } وإن لم تنفعهم وترفع خصاصتهم لعدم الاستطاعة ، ولا يريد الإعراض بالوجه كناية بالإعراض عن ذلك لأن من أبى أن يعطي أعرض بوجهه انتهى .
والذي يظهر أنه تعالى لما أمر بإيتاء ذي القربى حقه ومن ذكر معه ونهاه عن التبذير ، قال : وإن لم يكن منك إعراض عنهم فالضمير عائد عليهم ، وعلل الإعراض بطلب الرحمة وهي كناية عن الرزق والتوسعة وطلب ذلك ناشئ عن فقدان ما يجود به ويؤتيه من سأله ، وكأن المعنى وإن تعرض عنهم لإعسارك فوضع المسبب وهو ابتغاء الرحمة موضع السبب وهو الإعسار .
وأجاز الزمخشري أن يكون { ابتغاء رحمة من ربك } علة لجواب الشرط فهو يتعلق به ، وقدم عليه أي فقل لهم قولاً سهلاً ليناً وعدهم وعداً جميلاً رحمة لهم وتطييباً لقلوبهم ابتغاء رحمة من ربك ، أي ابتغِ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم انتهى .
وما أجازه لا يجوز لأن ما بعد فاء الجواب لا يعمل فيما قبله لا يجوز في قولك إن يقم فاضرب خالداً أن تقول : إن يقم خالداً فاضرب ، وهذا منصوص عليه فإن حذفت الفاء في مثل إن يقم يضرب خالداً فمذهب سيبويه والكسائي الجواز ، فتقول : إن يقم خالداً نضرب ، ومذهب الفراء المنع فإن كان معمول الفعل مرفوعاً نحو إن تفعل يفعل زيد فلا يجوز تقديم زيد على أن يكون مرفوعاً بيفعل ، هذا وأجاز سيبويه أن يكون مرفوعاً بفعل يفسره يفعل كأنك قلت : إن تفعل يفعل زيد يفعل ، ومنع ذلك الكسائي والفراء .
وقال ابن جبير : الضمير في { عنهم } عائد على المشركين ، والمعنى { وإما تعرضنّ عنهم } لتكذيبهم إياك ابتغاء رحمة أي نصر لك عليهم أو هداية من الله لهم ، وعلى هذا القول الميسور المداراة لهم باللسان قاله أبو سليمان الدمشقي ويسر يكون لازماً ومتعدّياً فميسور من المتعدّي تقول : يسرت لك كذا إذا أعددته .
قال الزمخشري : يقال يسر الأمر وعسر مثل سعد ونحس فهو مفعول انتهى .
ولمعنى هذه الآية أشار الشاعر في القصيدة التي تسمى باليتيمة في قوله :
ليكن لديك لسائلِ فرجٌ . . . ***إن لم يكن فليحسن الردّ
إن لم يكن ورق يوماً أجود به . . . ***للسائلين فإني لين العود
لا يعدم السائلون الخير من خلقي . . . ***إما نوَالي وإما حسن مردودي
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.