فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا} (28)

{ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ } قد تقدّم قريباً أن أصل «إما » هذه مركب من " إن " الشرطية و " ما " الإبهامية ، وأن دخول نون التأكيد على الشرط لمشابهته للنهي ؛ أي : إن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل لأمر اضطرك إلى ذلك الإعراض { ابتغاء رَحْمَةٍ مّن رَّبّكَ } أي لفقد رزق من ربك ، ولكنه أقام المسبب الذي هو ابتغاء رحمة الله مقام السبب الذي هو فقد الرزق ، لأن فاقد الرزق مبتغٍ له ، والمعنى : وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح الله به عليك { فَقُل لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورًا } أي : قولاً سهلاً ليناً كالوعد الجميل أو الاعتذار المقبول . قال الكسائي : يسرت له القول أي : لينته . قال الفراء : معنى الآية إن تعرض عن السائل إضاقة وإعساراً { فقل لهم قولاً ميسوراً } : عدهم عدة حسنة . ويجوز أن يكون المعنى : وإن تعرض عنهم ولم تنفعهم لعدم استطاعتك فقل لهم قولاً ميسوراً ، وليس المراد هنا الإعراض بالوجه . وفي هذه الآية تأديب من الله سبحانه لعباده إذا سألهم سائل ما ليس عندهم كيف يقولون . ربما يردّون ، ولقد أحسن من قال :

إنْ لا يَكُنْ وَرقٌ يَوْماً أَجُوُد بِها *** لِلسَائِلين فإنِّي لينّ العُودِ

لا يَعْدم السَائِلوُنَ الخْيرَ مِنْ خُلِقي *** إمَّا نَوالٌ وإمَّا حُسنُ مَرْدُودِ

/خ33