الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا} (28)

ثم قال تعالى : { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها } [ 28 ] .

أي : إن أعرضتم بوجوهكم عن هؤلاء الذين{[40816]} أمرتم إن تعطوهم حقوقهم من أجل عدمكم ، تبتغون انتظار رزق من عند الله فلا تؤيسوهم{[40817]} ولكن قولوا{[40818]} لهم قولا ميسورا ، أي : عدوهم وعدا جميلا . بأن تقولوا لهم : سيرزق الله فنعطيكم{[40819]} . . . وشبه ذلك من القول اللين . كما قال تعالى ذكره : { وأما السائل فلا تنهر }{[40820]} هذا معنى قول النخعي وابن عباس وغيرهما{[40821]} .

وقال ابن زيد : معنى الآية : إن خشيتم منهم أن ينفقوا{[40822]} ما أعطيتموهم في معاصي الله [ عز وجل ]{[40823]} ورأيتم أن منعهم خير{[40824]} ، فقولوا لهم : قولا ميسورا ، أي : قولا جميلا : رزقك الله ، ووفقك الله ونحوه{[40825]} .

وكان النبي عليه السلام إذا سئل وليس عنده شيء أمسك انتظار{[40826]} رزق{[40827]} الله [ عز وجل ]{[40828]} أن يأتي كأنه يكره الرد . فلما نزلت { فقل لهم{[40829]} قولا ميسورا } [ 28 ] كان إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي يقول/يرزقنا{[40830]} الله وإياكم من فضله{[40831]} .

وقال جماعة من المفسرين : [ نزلت ]{[40832]} هذه الآية في خباب ، وبلال وعامر بن فهيرة{[40833]} ، وغيرهم من فقراء المسلمين كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فيعرض عنهم ويسكت . إذ لا يجد ما يعطيهم ، فأمر أن يحسن لهم في القول ، إلى أن يرزقه الله ما يعطيهم ، وهو قوله : { ابتغاء رحمة من ربك ترجوها } [ 28 ] ، أي : انتظار الرزق{[40834]} من ربك تتوقعه { فقل لهم قولا ميسورا } [ 28 ] أي : عدهم وعدا حسنا{[40835]} .


[40816]:ق: الذين الذين.
[40817]:ق: "تؤسيونهم".
[40818]:ق: "قالوا".
[40819]:في النسختين "فأعطيكم".
[40820]:الضحى: 10.
[40821]:وهو قول: عكرمة ومجاهد وعبيدة وسعيد وقتادة والحسن أيضا، انظر: جامع البيان 15/74.
[40822]:ق': "تنفقوا".
[40823]:ساقط من ق.
[40824]:ق: "خيرا".
[40825]:انظر: قوله في جامع البيان 15/75.
[40826]:ط: "انتظارا".
[40827]:ط: لرزق.
[40828]:ساقط من ق.
[40829]:ق: "لهما" وهو خطأ.
[40830]:ساقط من ق.
[40831]:انظر: هذا الأثر في معاني الزجاج 3/235.
[40832]:ساقط من ق.
[40833]:هو عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه: يكنى أبا عمر. اشتراه أبو بكر وأعتقه، شهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة وله من العمر أربعون سنة، انظر: ترجمته في صفة الصفوة 1/432.
[40834]:ساقط من ط. ولعله الأصوب.
[40835]:وهو قول الضحاك، انظر: جامع البيان 15/75.