تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } وهو الخوف من المحذور ، أزاحه عنا ، وأراحنا مما كنا نتخوفه ، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل " لا إله إلا الله " ينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } رواه ابن أبي حاتم من حديثه . {[24575]}

وقال{[24576]} الطبراني : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا يحيى بن موسى{[24577]} المروزي ، حدثنا سليمان بن عبد الله بن وهب الكوفي ، عن عبد العزيز بن حكيم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في الموت ولا في قبورهم ولا في النشور . {[24578]} وكأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب ، يقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }{[24579]}

قال ابن عباس ، وغيره : غَفَر لهم الكثير{[24580]} من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات .


[24575]:- (7) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (4531) "مجمع البحرين" وابن عدي في الكامل (4/271) من طريق يحيى الحماني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، به. وقال ابن عدي في ترجمة عبد الرحمن بن زيد : "أحاديثه غير محفوظة". وقال المنذري في الترغيب (2/416) : "في متنه نكارة".
[24576]:- في ت : وروى.
[24577]:- في هـ، ت، س، أ : "موسى بن يحيى" والصواب ما أثبتناه من الإكمال وتخريج الكشاف للزيلعي.
[24578]:- في س : "منشرهم".
[24579]:- (11) قال الهيثمي في المجمع (10/333) : "رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم". ورواه ابن عدي في الكامل (2/65) والبيهقي في البعث برقم (88) من طريق الحسن عن بهلول بن عبيد عن سلمة بن كهيل عن ابن عمر بنحوه، وقال البيهقي : "هذا مرسل عن سلمة بن كهيل وابن عمر، وبهلول تفرد به وليس بالقوي".
[24580]:- في أ : "الكبير".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

و { الحزن } في هذه الآية عام في جميع أنواع الأحزان ، وخصص المفسرون في هذا الموضع فقال أبو الدرداء : حزن أهوال القيامة وما يصيب هناك من ظلم نفسه من الغم والحزن ، وقال ابن عباس : حزن جهنم ، وقال عطية : حزن الموت ، وقال شهر : حزن معيشة الدنيا الخبز ونحوه ، وقال قتادة : حزن الدنيا في الخوف أن تتقبل أعمالهم ، وقيل غير هذا مما هو جزء من الحزن .

قال القاضي أبو محمد : ولا معنى لتخصيص شيء من هذه الأحزان ، لأن الحزن أجمع قد ذهب عنهم ، وقولهم { لغفور شكور } وصفوه تعالى بأنه يغفر الذنوب ويجازي على القليل من الأعمال الصالحة بالكثير من الثواب ، وهذا هو شكره لا رب سواه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

الأظهر أن جملة { وقالوا } في موضع الحال من ضمير { يحلون } [ فاطر : 33 ] لئلا يلزم تأويل الماضي بتحقيق الوقوع مع أنه لم يقصد في قوله : { يدخلونها } [ فاطر : 33 ] . وتلك المقالة مقارنة للتحلية واللباس ، وهو كلام يجري بينهم ساعتئذ لإِنشاء الثناء على الله على ما خوّلهم من دخول الجنة ، ولما فيه من الكرامة .

وإذهاب الحزن مجاز في الإِنجاء منه فتصدق بإزالته بعد حصوله ويصدق بعدم حصوله .

و { الحزن } الأسف . والمراد : أنهم لمّا أعطوا ما أعطوه زال عنهم ما كانوا فيه قبلُ من هول الموقف ومن خشية العقاب بالنسبة للسابقين والمقتصدين ومما كانوا فيه من عقاب بالنسبة لظالمي أنفسهم .

وجملة { إن ربنا لغفور شكور } استئنافُ ثناء على الله شكروا به نعمة السلامة أثنوا عليه بالمغفرة لما تجاوز عما اقترفوه من اللمم وحديثثِ الأنفس ونحو ذلك مما تجاوز الله عنه بالنسبة للمقتصدين والسابقين ، ولما تجاوز عنه من تطويل العذاب وقبول الشفاعة بالنسبة لمختلف أحوال الظالمين أنفسهم وأثنوا على الله بأنه شكور لما رأوا من إفاضته الخيرات عليهم ومُضاعفة الحسنات مما هو أكثر من صالحات أعمالهم . وهذا على نحو ما تقدم في قوله : { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [ فاطر : 30 ] .