تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

{ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ } أي : ليس للبطلان إليه سبيل ؛ لأنه منزل من رب العالمين ؛ ولهذا قال : { تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } أي : حكيم في أقواله وأفعاله ، حميد بمعنى محمود ، أي : في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودة عواقبه وغاياته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

وقوله : { لا يأتيه الباطل } قال قتادة والسدي : يريد الشيطان ، وظاهر اللفظ يعم الشيطان وأن يجيء أمر يبطل منه شيئاً .

وقوله : { من بين يديه } معناه ليس فيما تقدمه من الكتب ما يبطل شيئاً منه . وقوله : { ولا من خلفه } أي ليس يأتي بعده من نظر ناظر وفكرة عاقل ما يبطل أشياء منه ، والمراد باللفظ على الجملة : لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات . وقوله : { تنزيل } خبر ابتداء ، أي هو تنزيل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

الوصف الرابع : أنه لا يتطرقه الباطل ولا يخالطه صريحُه ولا ضمنيُّه ، أي لا يشتمل على الباطل بحال . فمُثِّل ذلك بِ { من بين يديه ولا من خلفه } .

والمقصود استيعاب الجهات تمثيلاً لحال انتفاء الباطل عنه في ظاهره وفي تأويله بحال طرد المهاجم ليضر بشخص يأتيه من بين يديه فإن صدّه خاتله فأتاه من خلفه ، وقد تقدم في قوله تعالى : { ثم لآتِيَنّهم من بين أيديهم ومن خلفهم } [ الأعراف : 17 ] .

فمعنى : { لا يأتِيهِ الباطل } لا يوجد فيه ولا يداخله ، وليس المراد أنه لا يُدعَى عليه الباطل .

الوصف الخامس : أنه مشتمل على الحكمة وهي المعرفة الحقيقية لأنه تنزيل من حكيم ، ولا يصدر عن الحكيم إلا الحكمة : { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } [ البقرة : 269 ] فإن كلام الحكيم يأتي محكماً متقناً رصيناً لا يشوبه الباطل .

الوصف السادس : أنه تنزيل من حميد ، والحميد هو المحمود حمداً كثيراً ، أي مستحقّ الحمد الكثير ، فالكلام المنزل منه يستحق الحمد وإنما يحمد الكلام إذْ يكون دليلاً للخيرات وسائقاً إليها لا مطعن في لفظه ولا في معناه ، فيحمده سامعه كثيراً لأنه يجده مجلبة للخير الكثير ، ويحمد قائله لا محالة خلافاً للمشركين .

وفي إجراء هذه الأوصاف إيماء إلى حماقة الذين كفروا بهذا القرآن وسفاهة آرائهم إذ فرطوا فيه ففرطوا في أسباب فوزهم في الدنيا وفي الآخرة ولذلك جيء بجملة الحال من الكتاب عقب ذكر تكذيبهم إياه فقال : { وَإنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ } الآيات .